آخر الأخبار

الـفــقـيـه الـكـانـونـي

إدريس بوطور

أبو عبد الله محمد بن أحمد العبدي الكانوني المعروف عند أهل أسفي بالفقيه الكانوني ، رغم حياته القصيرة فقد ارتبط في أغلبها ارتباطا وثيقا بمدينة أسفي وتاريخها وتراثها .كان عالما وفقيها ومؤرخا ، ولد سنة 1893 بإحدى البوادي الشاطئية شمال أسفي والمعروفة بعراقتها في الدراسات القرآنية والفقهية ،حيث نشأ على حفظ القرآن والمتون في مختلف العلوم الدينية . وكدأب سائر الطلبة المتعطشين لنهل المعرفة رحل الفقيه الكانوني إلى فاس ثم مراكش، حيث أخذ علوم عصره عن علمائها وعاد إلى أسفي للاستقرار ونشر العلوم التي تلقاها . وبالفعل عرفت دروسه بمسجد الشيخ أبي محمد صالح حضورا مكثفا للطلبة والدارسين بالإضافة إلى أداء واجبه اليومي بكتابه القرآني الملاصق للمسجد . ونظرا لغزارة علمه وثقافته وسجاحة خلقه وتواضعه فقد اكتسب حبا بليغا لكل من تواصل معهم، الأمر الذي عرضه لمكر الحاسدين والحاقدين وهم من الفقهاء الموالين للحماية الفرنسية بأسفي أنذاك والذين لفقوا له التهم وأساءوا إلى سمعته لدرجة اتهامه بالزندقة والكفر مما اضطرت معه سلطة الحماية إلى إبعاده ونفيه إلى مراكش ومنعه من دخول أسفي . عاش بمراكش أروع فترات حياته العلمية معززا مكرما من طرف علمائها وبالخصوص رعاية العالم الجليل المختار السوسي ، وبمراكش ألف أغلب انتاجاته الفكرية ، التي بلغت أربعين مؤلفا بين كتاب ومخطوط ذات مواضيع ودراسات متنوعة ، بأسلوب سلس في متناول القارئ . كتب في الطب العربي والرياضة في الإسلام والحديث والفقه وتراجم العلماء والأولياء والصحابة ، كما خص أسفي بكتابات توثيقية متميزة سبرت أغوار تاريخها وموروثها الحضاري ، وما زالت العديد من مخطوطاته لم يتم تحقيقها ونشرها ، وقد انتهى به المقام والاستقرار بالدار البيضاء التي سيعمل بها مدرسا وفقيها وبها توفي ودفن سنة 1938 وهو في عز شبابه *** رحم الله الفقيه الكانوني وجازاه عنا خير الجزاء .