آخر الأخبار

الشخصيات التراثية في الملحون : شداد

سعيد عفلفل

إنه شداد بن عاد ، جبار آخر من جبابرة الأرض. عات في الأرض فسادا و ظلما و تجبرا. هو شداد بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح. يعد شداد من أشهر ملوك قوم عاد وهم من العرب البائدة. جاء ذكره في قصائد الملحون في نفس السياق الذي جاء فيه ذكر النمرود كما أسلفنا القول. وهو سياق استحالة دوام القوة و التجبر و الظلم. وأن الجبابرة مهما بلغوا من البأس و القوة هم زائلون، فانون. ألم يقل الشيخ الجيلالي امتيرد في قصيدة فاطمة :” ساعة الظلم تفوت و ناسها يغيبوا.” قبل الخوض في حياة شداد بن عاد، نلقي نظرة عن بعض القصائد التي ورد فيها إسم شداد أو قوم عاد.
يقول محمد بن سليمان في قصيدة التوبة :
” واين قارون و مالو بعد ما اكثر* واين شداد من اكفر* وكداك الدقيوس * غرهم الري المنحوس * كلما عاش المنحوس ضاع خسران * واين اخرين شقيان.”
ويقول مبارك السوسي في قصيدة كل نور من نور الهاشمي كمل:
” واين كسرى، واين شداد من اجهل* واين النمرود في زمان الجهالة * غرهوم إبليس في الزمان بحالي. ”
وفي قصيدة البلا في الخلطة يقول العربي المكناسي :
” واين شداد الطاغي بالكنوز و المال * مات في جيفة واصبح فالعذاب نازل”
اما بن بوستة عباس فيقول في قصيدة السفرية :
” و بنادم فعلو رادي* انسى أصلو بالمال و الكسب و لولاد* كان تولى متمادي* من حزب اهل تمود أو من قوم عاد * هلك الحضر و البادي.”
ارتبط اسم شداد بتشييد مدينة إرم التي ورد ذكرها في القرآن الكريم. عاصر نبي الله هود الذي دعاه إلى الإيمان بالله. أجاب شداد النبي هود عن المكافئة التي يتلقاها المؤمن من عند الله. رد عليه النبي هود : هي الجنة التي عرضها السموات والأرض. تكبر شداد وفي تحد صارخ قال للنبي هود بأنه هو الإله في الأرض وأنه قادر على بناء جنة أرضية أفضل من جنة الله. أمر شداد ببناء هذه الجنة الأرضية التي دام فيها العمل ما يربو عن 300 سنة حسب الروايات. كانت إرم مدينة لا مثيل لها كما جاء في سورة الفجر :” ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد.”
حسب أقوال المحدثين و المفسرين كانت إرم مدينة فريدة في عظمتها و روعتها : قصورها من لبنات الذهب و الفضة و أساطينها ( أعمدتها) من الزبرجد و الياقوت، فيها كل أصناف الأشجار و النباتات و الأنهار و أصناف المأكولات و المفروشات وكل ما ذكره نبي الله هود عن جنة الله. لما اكتمل بناء إرم، توجه شداد و قومه إليها. و بينما هم على مسيرة يوم و ليلة منها بعث الله عليهم صيحة ( ريحا عاتية) من السماء أهلكتهم جميعا.
اختلف المحدثون و المفسرون و المؤرخون حول مدينة إرم، منهم من أنكر وجودها مستدلين على رأيهم هذا بعدم وجود آثار هذا الصرح العظيم في وقتنا الحالي، و يضيفون أن ما حيك حول بناءها و عظمتها لا يعدو كونه خرافات و أساطير بعيدة كل البعد عن منطق العقل. أما الآية القرآنية في سورة الفجر التي تتحدث عن إرم فقد اختلف في تفسيرها المفسرون.