آخر الأخبار

السقوط الأخلاقي للسياسة

إدريس المغلشي

اي صدفة لعينة تلك التي تفضح التباين في السياسة بعدما وصلت درجة الحضيض ولم يعد هناك اي دور نبيل تقوم به وكيف تتعامل الحكومة مع مواطنيهالتضعهم في مكاييل مختلفة وهم ابناء الوطن الواحد. لايخفى على الجميع ماوقع في بحر الاسبوعين الماضيين،بعدما فقدنا دفعة واحدة واحدا وخمسين مواطنا غرقافي البحر قادمين من العطاوية حيث مدن الهامش ذات الأفق المسدود ، هاجر الشبان وقد فقدوا سبل العيش هناك في مدينةلامشاريع فيهاولا مخططات تذكر. لاتغيير فيها سوى خطاب ركيك ملفق كل سنةانتخابية تجمله بعض الوعود الكاذبة لأصحاب الشكارة والنفوذ احتلوها بعدما أغلقوا آفاق التغيير.حل الشباب بمدينة أكادير من أجل بداية رحلة نحوالمجهول ليفقد ذووهم الاتصال ولم نعد نسمع عنهم شيء ،انقطعت الأخبار وساد الصمت المتواطئ وتاهت الأسر بين إدارة وإدارة دون جواب.فيما ظهر مجددا تجار الرقيق والأزمات مستغلين حاجة الناس للعيش الكريم. لاحديث عن هذه الفاجعة في الوسائل الرسمية ولم يخرج بلاغ رسمي يشفي غليل الأمهات المكلومات.الوضع يبدو عاديا في وطن حزين غيرقادرعلى تضميد الجراح، بدا جليا أننا نتساهل مع الضياع والخسارةواننا نستطيع التفريط في ابنائنا دون أدنى شعوربالذنب ولاإحساس بالمسؤولية.أصوات أقارب المختفين ترتفع دون مجيب وصرخات مهماتعالت فلن تصل قبةالبرلمان سوى سؤال يتيم لم يحرك ساكنا، فلاالأعلام نكست ولا الفاتحة قرئت ترحما على ارواحهم إن ماتوا وهوامر لانتمناه لكن لانتحمل زمن استمرار الصمت القاتل .وسط هذه الأزمة الأخلاقية التي تمس شعور المواطنين طفت إلى السطح من جديد قضية الهجرة غير الشرعية التي تنشط في الأزمات دون ان نجد لها حلا لتخفيف الأزمات التي كلما حلت فضحت بنيتنا الهشة وبرامجنا الاجتماعية الوهمية .هذا العدد المتزايد من الضحايا إدانة مباشرة لسياستنا العقيمة التي لم تنتج سوى الفشل والخيبات .لم نجد مسؤولا يتبنى هذه القضايا الآنية ليقدم جوابا على هذه الإشكالات.ولم نر أحدا يواسي الأسر ويخفف عنهم المعاناة ، لازلنا نجر نفس الأزمة بل ونفس الخيبة .الفشل الذريع بادي للعيان ولايخفى على أحد.
في المقابل القريب منا مادام بعض مسؤولينا يأخذون فرنسا كنموذج للإستدلال وباعتبارها دولة تشكل قلب اوروبا النابض ،كما يحلو لهم تسميتها، تعيش هذه الأيام وضعا مقلقا وغير مستقر جراء مقتل نائل الشاب ذي الأصول الجزائرية في حادث وثقته عدسات كاميرات متعددة من مواقع مختلفة لتكشف معها حقيقة كون الشرطيين معا لم يكونا مجبرين على قتل الضحية.بل شكل مضمون تلك الصور جوابا نافيا ومفندا لكل مزاعم المتحيزيين الذين يتربصون بتبني تسوية سياسية على المقاس حسب اجندات معلنة وخفية.استنفار حكومي وامني واعلامي من كل الاتجاهات من أجل الاسراع بالحل .كل الأحداث التي تمر أمام اعيننا موثقة توضح حقائق لاينكرها إلا جاحد.المواطن في بلد الحريةوعاصمة الأنوار لا تستباح حقوقه لأن هناك قوى مجتمعية قادرة على تبني مطالبه العادلة والدفاع عنها. عرفت الساحة تدافعا ملحوظا لم يعد معه الاستقرار ممكنا حيث ظهرت اساليب تتبنى الفوضى لانتفق معها تشتغل في اتجاه تنمية المواقف المتطرفة المعادية للجاليةوتدعو للتطهير وهي
مرفوضة من كل القوى السياسية الحية والمؤثرة .لقد ظهر جليا ان فرنسا بسياستها لأربع عقود الأخيرة لم تنتج سوى مستويين من العيش فرنسيون من الطبقة الأولى بكبريات المدن وفرنسيوالمهجر من الطبقة الثانية بمدن الهوامش حيث تغيب كل الحقوق الدستورية. نتج عنه صراع وتدافع يبرز بشكل قوي في الأزمات ويخبو مرة اخرى في لحظات وطنيةبامتياز .الفرق بيننا وبينهم رغم التبعية.هناك في فرنسا حقوق وقوى حية تحول دون تغول السلطة ضد المواطن وهناسياسة اللامبالاةوعدم الاكثراث بأولويات المواطن مادامت كل المؤسسات باعت الماتش وانضمت لفيلق المتفرجين . فرنسا سقطت اخلاقيا بعدما عجزت عن تطويق ازمة تتكرر لتختبر مواقفهامن العنصرية ونحن سقطناسقوطا لاأخلاقيا فضيعا في وطن يضمناجميعا لكن مسؤولينا غير موفقين في الأحداث التي تحتاج لمواقف وطنية فعلا فرد واحد في فرنسا لايعادل واحدا وخمسين في المغرب او يزيد . وتلك معادلة كشفت حقيقة الواقع المر .