آخر الأخبار

احتلال حقوق الإنسان الاولوية عند التصدي لفيروس كورونا

أعلنت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت يوم الجمعة أنه يجب على الحكومات التي تتّخذ تدابير لمنع انتشار فيروس كورونا، COVID-19، أن تعتمد سلسلة من الإجراءات الإضافية للحدّ من التأثير السلبي المحتمل للتدابير المعتَمَدة على حياة الناس.

فقالت: “بصفتي طبيبة، أدرك تمامًا ضرورة اعتماد سلسلة من الخطوات لمكافحة فيروس كورونا، وبصفتي رئيسة سابقة للحكومة، أدرك صعوبة تحقيق التوازن في الكثير من الأحيان عند اتّخاذ قرارات صعبة ضرورية. ولكنّ جهودنا لمكافحة هذا الفيروس لن تنجح ما لم نتعامل معه بشكل كلي، ما يعني أن نحرص بشدّة على حماية أكثر الناس ضعفًا وإهمالًا في المجتمع، على المستويَيْن الطبّي والاقتصادي. ومن بين هؤلاء نذكر ذوي الدخل المنخفض، وسكان الأرياف المعزولين، والأشخاص الذين يعانون ظروفًا صحية مستنبطة، وذوي الإعاقة وكبار السن الذين يعيشون بمفردهم أو في مؤسسات.”

ويجب دائمًا أن يتمّ تنفيذ عمليات الإغلاق والحجر الصحي وغيرها من التدابير الأخرى المخصّصة لاحتواء ومكافحة انتشار فيروس كورونا، بما يتماشى تمامًا مع معايير حقوق الإنسان، ووفقًا للضرورة وبطريقة متناسبة مع المخاطر التي يتم تقييمها. ولكن حتى عند احترام ذلك كلّه قد يكون للعمليّات المذكورة تداعيات خطيرة على حياة الناس، بحسب ما أشارت إليه المفوّضة السامية.

وفي حين قد تقرّر السلطات أنه من الضروري إغلاق المدارس، يؤدي ذلك إلى اضطرار الوالدين إلى البقاء في المنزل وعدم قدرتهما على العمل، وهو إجراء من المحتمل أن يؤثّر على المرأة بشكل غير متناسب.

كما أنّ التوقّف عن العمل بهدف “العزل الذاتي” قد يؤدي إلى فقدان الأجور أو الوظيفة، وإلى عواقب بعيدة المدى على سبل عيش الناس وحياتهم. وقد يقوّض انتشار الفيروس الرعاية الصحية للأشخاص الذين يعانون أمراضًا مزمنة أو خطيرة. ومن المحتمل أن يكون لتوقّف التجارة والسفر تأثير كبير، لا سيما على الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد الذين توظفهم وتخدمهم.

وأوضحت باشيليت قائلة: “قد تؤدّي التدابير المتّخذة لاحتواء الفيروس إلى دفع الأشخاص الذين هم أصلاً على حافة الهاوية اقتصاديًا إلى الهاوية مباشرة. فعلى الحكومات أن تكون مستعدة لمواجهة العواقب غير المقصودة التي تنتج عن تدابيرها المتَّخَذة للتصدّي لفيروس كورونا عبر مجموعة من الطرق المتنوّعة. وعلى الأعمال التجارية أن تؤدّي دورًا أيضًا، بما في ذلك الاستجابة بمرونة كبيرة لانعكاسات التدابير على موظفيها.”

ورحّبت المفوّضة السامية بالتدابير التي اتّخذها عدد من الحكومات والمنظّمات الدولية، للتخفيف من تأثير الأزمة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

فقالت: “بما أنّ الفيروس مستجّد وغير مألوف بالنسبة إلينا جميعنا، نشّجع الدول على تبادل المعلومات حول الممارسات الجيّدة التي تتّخذها حاليًا لتخفّف من آثار الفيروس الاجتماعية والاقتصادية السلبية، وبشأن الجهود التي تبذلها لوقف انتشاره. ونحن بحاجة إلى التضامن والتعاون على المستوى الدولي أكثر من أي وقت مضى، ومن الواضح أنّه يجب توجيه الموارد إلى الحماية الاجتماعية حتى يتمكّن الناس من الاستمرار اقتصاديًا في ظلّ أزمة قد يطول أمدها.”

وتابعت قائلة: “يشكّل فيروس كورونا COVID-19 اختبارًا لمجتمعاتنا، وكلنّا نكتشف كيف يجدر التصدّي له والتكيّف معه. لكن، يجب أن تحتّل كرامة الإنسان وحقوقه الأولويّة في هذه الجهود المبذولة، لا أن نتركها لمرحلة لاحقة.”

إن مكافحة تفشّي الفيروس بطريقة فعّالة يعني أن نضمن حصول الجميع على العلاج وعدم حرمانهم من الرعاية الصحية لمجرّد أنّهم لا يستطيعون دفع ثمنها أو بسبب وصمة العار.

على الحكومات أن تضمن وصول جميع المعلومات ذات الصلة إلى الجميع من دون أيّ استثناء، بما في ذلك من خلال نشرها في نسخ ولغات يمكن فهمها بسهولة، وتكييفها للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل الأطفال ومن يعاني ضعافًا في النظر أو السمع، ومن يتمتّع بقدرة محدودة على القراءة ومن لا يتمتّع بأي قدرة على القراءة.

وختمت قائلة: “الانفتاح والشفافية هما المفتاح لتمكين وتشجيع الناس على المشاركة في التدابير المتَّخَذة لحماية صحتهم وصحة المجتمع عامة، لا سيما عندما يفقدون الثقة في السلطات. كما يساعدان على مواجهة المعلومات الخاطئة أو المضللة التي يمكن أن تلحق الكثير من الأذى لأنّها تغذّي الخوف والتحيّز. ونحثّ السلطات في البلدان المتضررة من فيروس كورونا COVID-19 على اتّخاذ جميع الخطوات اللازمة للتصدي لكره الأجانب والوصم.”