آخر الأخبار

أين الليالي ؟

إدريس بوطور

( أين الليالي اللواتي سببت سقمي ** يا ليلة بعدها عيناي لم تنم ) ************* مطلع قصيدة من اجمل قصائد الشعر العربي نهاية القرن التاسع عشر للشاعر المصري القاضي إسماعيل صبري باشا، وهو أحد رواد الشعر المتميز بسهولة الألفاظ وانسيابها دون تكلف ، وسمو الخيال عبر حس مرهف . لكن صوت أسمهان الصافي والسامي هو الذي أوصل إلينا هذه القصيدة وغيرها ، وخلدها عندما غنتها سنة 1933 من ألحان الموسيقار محمد القصبجي ، فكانت هذه الأغنية تفاعلا بين شعر بديع ولحن رفيع وصوت نجيع ** من حسن حظ أسمهان وصوتها أنها وجدت في طريقها وهي تخطو أولى خطواتها الفنية احد كبار الملحنين في العالم العربي ، محمد القصبجي الذي شد أزرها وقدم لها ابداعات موسيقية لم يجد ولن يجود الزمان بمثلها ، فكانت ” أين الليالي ” مقدمة هذه التدوينة سنة 1933 أول ثمار هذه العلاقة الفنية بين القصبجي واسمهان ، وكانت رائعة الروائع “هل تيم البان فؤاد الحمام ” سنة 1944 آخر هذه الثمار . وذلك رغم ما تحمله القصبجي في سبيل ذلك من تبعات وخيمة أثرت على علاقته بسيدة الغناء العربي أم كلثوم ** تميزت اسمهان بأداء صاف ورقيق ذي مقامات صوتية عالية ، جعل القصبجي يرى فيه فرصة لتطوير الأغنية العربية بتطبيق قواعد الأداء الغربي المتطور مع الاحتفاظ بأسس الموسيقى العربية وطربها ** كانت اسمهان تختار قصائدها حسب مطابقتها لحياتها ومعاناتها انطلاقا من ” أين الليالي ” إلى “نويت أداري ” إلى ” فرق ما بينا ليه الزمان” إلى “ليت للبراق” إلى ” أنا اللي استاهل” ** أسمهان نجم شامي تلألأ في سماء الكنانة حينا قصيرا من الدهر ثم أفل إلى الابد/