آخر الأخبار

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون (ديوان عبد القادر بوخريص المخطوط) : سيدي احماد أو موسى

سعيد فلفل

هو قطب من اقطاب الزهد و الصلاح و التصوف ليس في منطقته بسوس فحسب بل في كل أرجاء المغرب. إنه الولي الصالح سيدي أحمد بن موسى أو كما ينطق اسمه الأمازيغ سيدي احْماد أو موسى.
نظم الشاعر الفقيه عبد القادر بوخريص قصيدة في مدح هذا الولي يبرز فيها مكانته العلمية و الدينية و مناقبه و شيمه.
يقول بوخريص في حربة هذه القصيدة و هي في قياس قصيدة الطير للشيخ محمد بن سليمان.
” ضيف ربي لله يا سيدي احماد أو موسى ** غير عني يا هيبة سوس.”
في القسم الأول من هذه القصيدة يصف الشاعر حالته النفسية الصعبة و ثوقه الكبير للتحرر من قيود و أغلال النفس.
” لا تخلي داتي من ليعة الضنا مقيوسا ** جود لي يا راحة النفوس
غيثني رانا في ضيقا جْوارحي محسوسا ** بين ساطْ أو حيَّا محبوس
لا حبيب جبرتُ يسخا معاي لا كمّوسا ** فالملاهي ضيعت فلوس
والزمان دهاني و سوايع الشقا منحوسا ** عاد قلبي ناكد مفقوس
كانبات نخمم و عضايا فاشلَا مدروسا ** و السقام ضحا لي ملبوس. ”
في كتاب” طبقات الحضيگي” لمؤلفه محمد بن أحمد الحضيگي، نجد ترجمة للولي سيدي أحمد او موسى : هو أحمد بن موسى بن عيسى بن عمر بن أبي بكر. يقول الحضيگي إن نسبه يرجع إلى الحسن بن علي بن أبي طالب. ولد أحمد بن موسى سنة 853 هجرية بمكان يدعى
” بومروان” ثم انتقل إلى قرية تازروالت قرب مدينة تزنيت. ينتمي إلى قبيلة كبيرة في سوس، قبيلة إدا و سملال.
تأثر سيدي أحمد او موسى بمجموعة من شيوخ الصوفية في سوس ،من بينهم : الشيخ سيدي محمد الوجاني و الشيخ سيدي علي بن ابراهيم بن علي دفين إيليغ. إلا أن التأثير الكبير في حياة سيدي أحمد أو موسى و في تربيته الروحية و تهذيب حياته كان للولي الصالح سيدي عبد العزيز التباع الذي أوصاه بالسفر و السياحة لتربية النفس و تهذيبها. و هكذا جاب سيدي أحمد أو موسى العديد من البلدان شرقا و غربا واستمر في رحلته التهذيبية هذه زهاء ثلاثين سنة. بعد هذه الرحلة الطويلة عاد إلى بلدته تازروالت و استقر بها. بدأت الناس و القوافل في التردد على زاوية سيدي أحمد أو موسى بتازروالت للتبرك به. وقد بلغ صيته إلى السلطان السعدي عبد الله الغالب الذي زاره في زاويته بتازروالت كما دعاه لقصره بمراكش.
يتفق أهل العلم و الصلاح على أن سيدي أحمد أو موسى كان ذا شأن عظيم في التربية و في تعظيم حرمات الشرع. كان فكره الديني الإصلاحي ينبني على الحب و التقدير و التعظيم لمخلوقات الله، وهو لا يخرج في هذا على ديدن كافة المتصوفة الذين حاولوا بناء مجتمع أساسه قيم التسامح و الإعتدال و نبذ الغلو و التطرف. كما كان الولي سيدي أحمد أو موسى يعظم شعائر الله و حرماته و لم يكن يستاهل في المسائل الشرعية و خصوصاً معصية الله.
توفي الولي سيدي أحمد أو موسى ليلة الإثنين الفاتح من ذي الحجة سنة 971 هجرية و دفن بتازروالت و قبره مشهور معروف يؤمه العديد من الزوار خصوصا في شهر غشت من كل عام حيث يقام هناك موسم ديني كبير.
في مرحلة طفولتنا و شبابنا ارتبط اسم سيدي احماد أو موسى بفرقة من البهلوانات كانت تنشط حلقة كبيرة مساحة و جمهورا بساحة جامع الفنا، و كنا نطلق عليهم ” اولاد حماداموس”. كان أفراد الفرقة يقدمون عرضا رائعا تتخله رقصات بهلوانية أكروباتية غاية في الإتقان إذ يشكلون هرما بشريا من أربع أو خمس طوابق بشرية كله انسجام و توازن تزيد من روعة المشهد الموسيقى المنبعثة من ناي و إيقاعات منطلقة من دفوف. حقيقة أنا لا أعرف ارتباط هذه الرقصة الفولكلورية بالولي الصالح سيدى أحمد أو موسى دفين تازروالت.