آخر الأخبار

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون – 1 –

سعيد عفلفل 

تقديم

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون ( ديوان عبد القادر بوخريص المخطوط)
بمناسبة شهر رمضان المبارك نبدأ رحلة أخرى من رحلات البحث و التنقيب في تراثنا الخالد : الشعر الملحون المغربي. و نخصص هذه السلسلة لتسليط الضوء على موضوع مهم أولاه شعراء الملحون أهمية قصوى خصوصا وأنه يلمس الجانب الروحي من حياة المغاربة عموما و شعراء الملحون على وجه التحديد.
لا يخفى على أحد على أن المغرب و تراب المغرب يحتضن رفات الآلاف من الأولياء حتى قيل إن بلاد المغرب هي مملكة الأولياء و الصالحين. إذ لا تخلو قرية أو مدينة على طول البلد و عرضه من ضريح ولي صالح. ويعد المغرب من أكثر الدول العربية والإسلامية التي تحتضن أضرحة و زوايا و مزارات للأولياء. حتى أن بعض الدول تحتضن أولياء ترجع أصولهم إلى المغرب. الواقع أن وجود هذه المزارات الدينية شئ متجذر في تاريخ المغرب منذ أن تأسست الدولة في المغرب على عهد الأدارسة إلى يومنا هذا. و الكل يعرف الدور الكبير الذي لعبته الزوايا في تاريخ المغرب و علاقتها بالسلطة المركزية، بحيث كانت علاقة شابها مد و جزر؛ تارة تراهم مع الحاكم و تارة أخرى يثورون في وجهه. والحديث يطول في هذا الموضوع، كما أن تناولنا لموضوع الأولياء لن يتسم بالعمق و التفصيل ما دامت هذه المقالات موجه لكل المهتمين و المتتبعين ولعموم الناس.
من هم أولياء الله الصالحين؟
هم رجال و نساء كان حبهم لله لا يدخله شك، حب صاف، نقي. كانوا صادقين في محبتهم للخالق. تعلقت قلوبهم و جوارحهم بالمولى عز وجل. و كانت آثار هذا الحب واضحة في إخلاصهم في عبادتهم و طاعتهم و سلوكهم في الحياة. لذا سمّوا بأولياء الله. يمكن القول إنهم أحباء الله و صفوته من عباده قال المولى في حقهم: ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.” هي اذاً مرتبة أثيرة خصهم بها الخالق. ولصدق حبهم لله و إخلاصهم في عبادته فقد بشرهم الله بالجنة : ” تتنزل عليهم الملائكة ألاَّ تخافواو لا تحزنوا و أبشروا بالجنة.”
يتصف أولياء الله بعدة صفات حميدة نجملها في الآتي:
*تقوى الله عز وجل
* طاعة الله ورسوله
*حب الله
* الزهد في الدنيا
* عدم الغلو في العبادة
* المعرفة الصحيحة بأمور الدين
* الإكثار من النوافل
* الإحتكام إلى شرع الله
* الأخلاق الحسنة.

بالعودة إلى شعر الملحون ، كانت النية هي البحث عن الأولياء الذين ذكرهم شعراء الملحون في قصائدهم بشكل عام إلا أن صديقا غاليا حدثني عن ديوان مخطوط للشاعر عبد القادر بوخريص عن الأولياء، فاتفقنا أن تخصص هذه السلسلة لهؤلاء الأولياء الذين ذكرهم بوخريص في ديوانه المخطوط بحيث يتكلف صديقي هذا برقن القصائد و تبيان قياساتها وهو أمر ليس بالهين، وأتكفل أنا بالباقي. إنه عمل مشترك يرجع فيه الفضل لهذا الصديق العزيز الذي اقترح علي تخصيص سلسلة للتعريف بالأولياء المذكورين في شعر الملحون.

إن حديثنا عن الأولياء الذين ذكرهم بوخريص لا يعني أبدا تجاهلنا لبقية الشعراء الذين نظموا قصائد في مدح الأولياء، ستكون فرصة للإخوة المتتبعين و المهتمين إغناء المنشورات بأبيات و استشهادات من قصائد نظمها شعراء آخرون لتكتمل الصورة حول شخصيات هذه السلسلة.
الشاعر عبد القادر بوخريص كان فقيها يدرس في أحد جوامع مدينة فاس بالإضافة إلى أنه كان يعلم الأطفال في الكُتّاب. جده كان قاضيا إبان حكم السلطان مولاي عبد الله و ابنه سيدي محمد بن عبد الله. نستهل هذه السلسلة بالحديث عن سبعة رجال بمراكش. كان المفروض أن نبدأ بقطب الأولياء ابو العباس السبتي، إلا أنني ارتأيت احترام ترتيب الزيارة لهؤلاء الأولياء.

و سنبدأ إن شاء الله بالولي الصالح سيدي يوسف بن علي ثم نتبعه بباقي الأولياء بالترتيب.