آخر الأخبار

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون: الجزولي

سعيد عفلفل

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون ( ديوان عبد القادر بوخريص المخطوط) : سيدي بن سليمان الجزولي .

سيدي محمد بن سليمان الجزولي، المعروف لدى العامة ب ” مول الدليل “، قطب من أقطاب الصلاح و العلم و الحكمة. ذاع صيته و طبقت شهرته الآفاق في المغرب و المشرق. خصه الشاعر عبد القادر بوخريص بقصيدة جميلة كتبها الشاعر في شهر صفر عام 1238 هجرية الذي وافق عام 1869 ميلادية كما أوردها في آخر القصيدة : ” عام حَ لْ رَ شْ تاريخُ ما خفى في الاْسطار”. وفي حساب الجمل ترمز الحروف إلى عام 1238. يقول بوخريص في حربة هذه القصيدة :
“يا الجزولي لَسْعَدْ سيدي مْحَمَّد *** غير عني حرمة بوك الولي سليمان.”
وهي قصيدة في قياس الدار لسيدي قدور العلمي ( مشرگي).
في هذه القصيدة يمدح الشاعر الولي سيدي بن سليمان الجزولي و المكانة المرموقة التي يحضى بها في حضيرة الأولياء الصالحين بالمغرب و خارجه. يقول :” لنك مشهور بالسيادَا و الحكما *** و العلم و الحلم و الدوا و قدرك عالي.”
يلاحظ القارئ لهذه القصيدة أن شذى صوفيا يتضوع من أبياتها. فالشاعر يتوق إلى التخلص من أدران الحياة و همومها و يصبو إلى التحليق عاليا في سماء الصفاء و الانعتاق، يتوق إلى الوصول إلى النورفانا، إلى مقام الصالحين، الأصفياء، الأخيار. يقول بوخريص : ” من بركتك لمقام العارفين نصعد”. و مقام العارفين هو قمة الهرم لدى الصوفية. وفي هذا الصدد يقول أحد شيوخ الطريقة التيجانية، الشيخ الأحسن البعقيلي: ” الفقيه إذا ارتقى صار صوفيا، و الصوفي إذا ارتقى صار عارفا.” و مرتبة العارف بالله تأتي عن طريق الاجتهاد الصوفي. و من النفحات الصوفية في القصيدة حديث الشاعر عن الخمرة. و الخمرة لدى المتصوفة هي خمرة رمزية لا مادية و غير حسية. في القصيدة عدة إشارات إلى هذه الخمرة الصوفية. يقول بوخريص :” خمرني من شرابك يريق الخاطر. ” وفي القسم الثالث نجد الشاعر يتوق إلى أن ينعم بأسرار الولي الربانية، يقول :
” من اسرارك غرضي نرشف كاس لمدام ** من اسرارك ما نبقى فالحياة مهموم.
َمن اسرارك نسكر سكرا أولاَّ نعربد ** من اسرارك نمسا بين البدور شرهان.”
هذه إشارات فقط لما تحفل به هذه القصيدة من درر و و مضات صوفية.
بالعودة إلى الإمام الجزولي، هو أبو عبد الله محمد بن سليمان بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجزولي السملالي الشهير شعبيا ب” مول الدليل ” لأنه صاحب كتاب دلائل الخيرات. يرجع نسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب. ولد حوالي 807 هجرية / 1404 ميلادية. قضى جزء كبيرا من طفولته في بلاد جزولة بسوس. وفيها تلقى نصيبا وافرا من التعليم. انتقل بعد ذلك إلى فاس لاستكمال تعليمه وهناك جالس عددا كبيراً من الفقهاء و علماء الدين؛ و التقى بالعارف بالله سيدي أحمد زروق الذي تتلمذ على يده. بعد التحصيل العلمي عاد إلى بلدته في جزولة و أسس الطريقة الجزولية التي تقوم على حب الرسول صلى الله عليه وسلم و الصلاة عليه و المداومة على ذكر الله.
قاد الإمام الجزولي ثورة ضد تغلغل النصارى و احتلالهم للشواطئ المغربية، كما قاد ثورة على الحكام الوطاسيين بسبب تخادلهم في الدفاع عن البلاد من هجمات البرتغاليين.
توفي الجزولي مسموما عام 870 ه / 1465م. و دفن بأفوغال بمنطقة الشياضمة. وقد نقل جثمانه بعد سنين من وفاته إلى مدينة مراكش بأمر من الأمير السعدي أبو العباس المعروف بالأعرج الذي نفذ أوامر والده أبو عبد الله القائم.
توجه سيدي بن سليمان الجزولي إلى المشرق حيث مكث هناك سبع سنين جاب خلالها مدن المشرق في الحجاز و الشام و مصر. بعد هذه الرحلة عاد إلى مدينة فاس و هناك دخل في فترة تزهد و تنسك و اعتزال و بدأ في تأليف كتابه الشهير ” دلائل الخيرات و شوارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار”. و يعد هذا الكتاب أكثر الكتب طباعة بعد القرآن الكريم، إذ لا يعرف لحد الآن عدد طبعاته. ولا يخلو بيت من بيوت المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها من نسخة من هذا الكتاب. و يشمل الكتاب على أحاديث و كيفيات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
للإمام الجزولي مؤلفات أخرى من بينها :
* منهاج الحقيقة و الشريعة.
* كتاب في الزهد.
* رسالة التوحيد.
* أجوبة في الدنيا و الدين.
* حزب الشيخ ( أو الحزب الكبير).
*حزب الفلاح ( أو الحزب الصغير).