أحمد الأديب المبدع: إن ما يشكل القاسم المشترك لمجموع أعماله القصصية والشعرية والروائية هو النقد الشامل والجذريلمظاهر التخلف الفكري والاجتماعي ولأنماط السلوك اللامدنية وأنواع السلط التي تسيج المجتمع من ” تحت إلى فوق ” مشوهة الوجود الإنساني الفردي والجماعي ألعلائقي, سالبة منه ما يشكل ماهيته : أي الحرية في مختلف أبعادهاوتمظهراتها,بما يترتب عن ذلك من فشو لقيم الخنوع والتسلطن والتفرعن والانتهازية والنفاق في الدين كمشترك روحي وطقوسجماعية مقدسة. وفي مقابل ذلك النقد الجذري تتضمن أعماله دعوة لأفق قيمي أخلاقي نبيل يفتح الباب أمام عيش الإنسانبالحب والحرية والعقل المستنير,فعلى سبيل المثال والانتقاء كتب في رواية ” المختصر من تخرصات الكوارثي وترخصاته ..أووجدناها.” ما سماه ب ” نص بيان تأسيسي غير مباح” مما جاء فيه : “..واجعل فاتحة الوجبة حبا.. و خاتمة الوجبةحبا..وفاتحة الغفوة حبا..وفاتحة الصحوة حبا..ومشهد المشاهد حبا وحبا..وحبا“, إلا أن الحب كنمط عيش مشروط في أعمالأحمد جميعها بالحرية كتحرر من الخنوع لأية سلطة (بالمعنى الفوكوي للسلطة), وابتعاد عنها ,يقول في نفس السياق “..أنشدوابتغ الصدارة للسواد والسواعد لا للرؤوس..للمراد ضبطهم لا للضابطين ..مدسترا حقوق الشغب والانفلات في مقدم البنود.” , مضيفا : “.. وبالثلاث طلق كل السلط _ومهما تكن _ فما من سلطة ليس بأحشائها بذرة جور..”
وقد وجد أحمد المبدع في السلفية التكفيرية أكبر خطر على كل القيم الإنسانية النبيلة , قيم المحبة والتسامح والجمال, فخصص لتناولها بالنقد الجذري والساخر أضمومتين قصصيتين ” الهدى هولدينغ” و ” من بدائع الهدى هولدينغ” ,تعدان منأكثر الإنتاجات الإبداعية المغربية تعرية لجهل التكفيريين بالإسلام,ولاستيهاماتهم المرضية و” ينبغياتهم” النكوصية الظلامية .
ولم يستثن معول أحمد النقدي والمبدع أمراض من يسميهم ب ” مناضلي ما بعد الشدة“, وأولئك الحمر من الخارج والبيضمن الداخل كالفجل الذين أساءوا بوصوليتهم وانتهازيتهم وأكلهم من جميع الموائد لقيم النضال السياسي ولمبادئه وغاياتهالنبيلة.
ليست هذه قراءة في أعمال فقيدنا أحمد , فذلك ما لا يدخل ضمن اختصاصي فوحده النقد الأدبي كفيل بتقييم هذه الأعمالخاصة من الناحية الجمالية والتخييلية والسردية, ومن الناحية اللغوية كذلك حيث تفصح تلك الأعمال عن امتلاك أحمد وتملكهلمخزون لغوي غني متنوع في مهارات استعماله نثريا وشعريا وزجليا , وإنما قصدي من ذلك هو إبراز التطابق بين القيم التينسجها احمد المبدع من خلال سرديا ته الأدبية وبين سيرته الذاتية كشخص في علاقته بذاته وبمحيطه الاجتماعي الواقعيأي كمواطن و” أخ أكبر” وزوج وأب ومناضل ورجل تربية وتعليم , فقد طلق, فعلا “وبالثلاث كل السلط “, وتحلى دائما, وفي أشد المواقف والوضعيات دقة وحرجا وحساسية بالصدق والعقلانية والنبل والتسامح ” المثالي ” أحيانا ..