آخر الأخبار

احد عشرة يوما هزت العالم.. نقد لبؤس النقد – 3 –

محمد الحبيب طالب 

بهذه الخفة في التحليل ، ولقضية كبيرة ومعقدة، ترتبط بدور الدين وبمرجعياته، في عالم وزمن تخلت فيه الحداثة المعاصرة عن بعض أشكالها القديمة البالغة السوء والسلبية من الدين وأدواره …والأكثر سخافة وشططا، أنها في مجتمع متأخر، وبالأحرى ،  في مجتمع يخوض نضالا تحرريا وطنيا ضد كيان مغتصب يقوم في أساسه على أسطورة دينية، ودولة مفبركة تُعرِّف نفسها على أنها دولة يهودية، و لكل يهود العالم4؟! لن أجاري نقديا هذه الخفة وهذا الشطط في تفاصيل إشكالية لها أعماق ثقافية وتاريخية، وإنما سأكتفي بالموقف الذي ينبغي لأي علماني غير سطحي ذي بعد نظر أن يتذكره في تحليلاته:

  • الدولة الإسرائيلية، هي بالتعريف، دولة دينية احتلالية عنصرية، تسعى إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني بكل مقوماته،  أرضا و بشرا وتاريخا ودينا .فالعنصر الديني في الصراع قائم ومفروض من المغتصِب وبالقوة. وليس استثناء، أن الانتفاضة الثانية قامت على إثر تدنيس شارون لبيت المقدس، وأن الهبة الشعبية الحالية أشعلها أيضا التضييق القمعي العنيف على ممارسة الفلسطينيين لشعائرهم الدينية بحرية، وعلى اعتزام الصهاينة تنظيم اكتساح بيت المقدس بالآلاف، وعلى الدولة اليهودية المصرة على تهويد القدس كاملة، وعلى إقامة أكذوبة هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.

الأيديولوجية الدينية عنصر بنيوي في الصراع لا مفر منه، طالما الدولة اليهودية الاحتلالية تسعى إلى محو الهوية الفلسطينية كاملة، والدين واحد أساسي منها. وتجربتنا في بلدان المغرب العربي من بين الشواهد السابقة. والموقف التحديثي العلماني الحق يميز في هذا الصراع بين الأيديولوجية الظالمة والأيديولوجية المظلومة. ويقف مع الثانية ضد الأولى، لأنه في هذه الحالة، يقف مع الحرية والإنسانية والمساواة بين الأديان جميعا. والدين هنا يلعب دوره التاريخي الكبير والأصيل، دور العزاء،  في مجتمع فقد فيه الفلسطينيون إنسانيتهم المهدورة بالمطلق. كلمة الله هنا تحث على الحرية، والجنة تعلي من الحق في الإنسانية الكاملة و تحشد الإرادة الوطنية الكفاحية إلى أقصى مداها.  وإذا قيل أنه “نصر من الله” فهو مقرون بالعمل الجاد والحسابات العقلانية الصارمة.