آخر الأخبار

تقديم كتاب محمد بن ولي الله – 5 –

يعتمد ح.بنولي الله رواية نجاته من معركة فخ (169/786 ) قائلا : “ولم يبق إلا إدريس الذي فر إلى المغرب هو ومولاه راشد ” دون أن يكلف نفسه عناء التساؤل الذي أشار إليه المفكر و المؤرخ المغربي عبد الله العروي ،أ وصوله إلى المغرب كان يحمل صفة اللاجئ أم المبعوث ؟أكان ذلك قبل معركة فخ أم بعدها ؟إن علاقة إدريس بالمغرب تبعا لما أورده الأشعري في مقالات الإسلاميين أقدم مما تمت الإشارة إليه من قبل المؤلف وبناء عليه يمكن إعادة النظر في مواقيت دولة الأدارسة في المغرب بكاملها ،الشيء الذي يؤدي إلى التساؤل عن أسباب هذا التأخير، وتقديم إدريس بصورة اللاجئ .

إن التدقيق والتمحيص التاريخي والعلة الكامنة وراء ذلك هي رغبة الرواة في فصل إدريس عن المحيط الاجتماعي الذي نشأ وتربى فيه ،ألا وهو محيط الدعوة الزيدية المعتزلية ،وكان الأجدر بالمؤلف وهو يشير إلى المظلة الدينية أن ينبش في هذه المعطيات وأن يكشف بوضوح عن آراء إدريس أكان شيعيا معتزليا أم سنيا ؟

ترجح بعض الدراسات اعتمادا على أوائل المسكوكات التي عثر عليها مضروبة بتدغة ومؤرخة بسنة 172 ه أن إدريس توجه إلى المغرب في تاريخ متقدم محدد بالسنتين (158/775 و169/795 )،وبناء عليه يمكن إلقاء الضوء على بعض الجوانب الغامضة في المرحلة بشكل عام  .

استعرض ح. بنولي الله بل سرد وقائع وأحداث تهم الناشئة إلا إنها تستفز المؤرخ المختص ،وأثناء ذلك وفي غضونه لم تتم الإشارة إلى مفهوم ودلالة الدولة في عهد إدريس وابنه الأصغر ، كما لم يتم التعرض لا من قريب أو بعيد إلى طبيعة الجيش ومكوناته ،ولا إلى بيت المال ،ولا الكيفية التي تحول بها نظام الحكم في علاقة إدريس الأكبر بمن أجاروه من القبائل ،ورفض إدريس الأصغر لذلك ورغبته في إمارة فعلية نجمت عنها أزمة كان لها ما بعدها .

إشكالية  تاريخية أخرى تطرحها المرحلة وهي أن الحروب المتعددة قبل وفاة إدريس الأصغر  والتي كانت السبب في تعميق العقيدة الإسلامية ،واعتنق على أساسها الإسلام لا تعني بأية حال من الأحوال ضرورة التعريب ،ولهذا ستستمر البربرية إلى جانب العربية ليس فقط بالنسبة لعامة الشعب ،وإنما بالنسبة كذلك لمن اعتلى عرش الخلافة ( بني حمود في قرطبة بعد سقوط دولة بني أمية ) .