آخر الأخبار

قراءة في كتاب ” الشعر الإسلامي في المغرب التزامه وفنيته ” ـ 7 ـ

شحيمة عبد الصادق

متن الكتاب : الفصل السادس من الباب الأول وفصول الباب الثاني الثلاثة

ملاحظات نقدية :

  • ملاحظة أولى :

قبل التطرق إلى ما أورده المؤلف في هذه الفصول لنبدأ ببعض الملاحظات النقدية مستفيدين من التمييز الذي أقامه –أوستين وارين وروني ويليك في كتابهما نظرية الأدب

بين نظرية الأدب والنقد والتاريخ “علينا أولا أن نميز بين النظر إلى الأدب كنظام غير خاضع لاعتبارات الزمن وبين النظرة التي تراه في الأصل على أنه سلسلة من الأعمال المنظمة حسب نسق تاريخي وعلى أنه أجزاء متممة للعملية التاريخية. ثم هناك تمييز أبعد بين دراسة المبادئ والمعايير الأدبية ودراسة أعمال أدبية معينة: سواء أكانت دراستنا لها حسب التسلسل التاريخي أو بمعزل عنه. ويبدو من الأفضل أن نلفت النظر إلى هذه التمييزات بأن نضع في باب “نظرية الأدب” دراسة مبادئ الأدب، مقولاته، معاييره وما أشبه ذلك، وبأن نفرقها عن دراسات أعمال فنية معينة بتسمية هذه باسم النقد الأدبي … أو باسم” التاريخ الأدبي ” ص40  نظرية الأدب.

في مناهج التأريخ للأدب :

أشار الكاتب وهو بصدد ضبط مصطلح الشعر الإسلامي بله الأدب الإسلامي والأدب العربي إلى آثار الدراسات الاستشراقية وما ترتب عنها من نتائج سلبية على أدبنا عموما، وفي مقدمة ذلك تقسيمهم للعصور الأدبية، فالمنهج المسمى بالمدرسي يقسم العصور بناء على عوامل دينية جاهلي وإسلامي، وعوامل سياسية أموي وعباسي، وعوامل حضارية (عصر نهضة وعصر انحطاط )، وعوامل إقليمية (أندلسي، مغربي، شرقي). وهو الأمر الذي ينطبق على الأدب المغربي حيث يحضر التقسيم السياسي بالمقارنة مع غيره من أنواع التقسيم الأخرى .

إن مصطلح عصر صدر الإسلام يقتضي بداهة التساؤل التالي: هل أحدث الإسلام في المرحلة إياها تطورا حاسما ووضع معايير جديدة تأسيسا عليها نسميه عصرا إسلاميا.

من أعلام هذا المنهج من المؤرخين العرب جورجي زيدان وأحمد حسن الزيات وحسن توفيق العدل، ومن أهم المؤاخذات الواضحة والجلية في هذا المجال الانتقال الأوطوماتيكي على مستوى التأريخ من عصر إلى عصر وإغفال ما يسمى بالمراحل الانتقالية بين عصر أدبي سابق وعصر أدبي لاحق.

وهناك منهج التقسيم المنبني على الأغراض الأدبية ومن رواده مصطفى صادق الرافعي في كتابه تاريخ الأدب العربي، إضافة إلى منهج التقسيم بناء على المدارس الأدبية كما تبناه طه حسين في كتابه الأدب الجاهلي، وما سمي بالمنهج الانتقائي مع شوقي ضيف، والفنية والعاطفية والعقلية مع محمد نجيب البهبيتي، والتقسيم تبعا للغايات من قول الشعر كما في كتاب الأدب والغرابة لعبد الفتاح  كيليطو .

إن الغايات التي عبر عنها الشعراء الجاهليون تتأرجح بين أربع وهي: الغاية الذاتية والغاية الجماعية والغاية المعرفية والغاية الفنية الجمالية.

عمل الإسلام على تحويل تلك الغايات ونسخها، وبذلك صارت غاية الشعر أن يشتغل على مرتكزين أساسين هما: العقيدة والأخلاق، التوجيهات الرسمية تبنت ذلك، ففي العمدة كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري عامله على العراق يوصيه قائلا: ” مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على مكارم الأخلاق وصواب الرأي”

لقد اعتبر كل من يعارض تلك الغايات متمردا، وأنزلت به أقصى العقوبات بما فيها التصفية الجسدية، فتكونت المؤسسات القمعية، وبدأ سجل ضحايا الكلمة أو القول الشعري، في مقدمة هؤلاء أبومحجن الثقفي، وسحيم عبد بني الحسحاس، والنجاشي الحارثي.

سيقع نوع من التغيير في الغاية بالنسبة للعصر الأموي إذ عوضا أن تبقى رسميا معبرة عن إيديولوجيا الدولة الإسلامية، ستصبح معبرة عن الإيديولوجية الأموية، وستستمر الغايات غير الرسمية جنبا إلى جنب، والنموذج الممثل لذلك هو الأقيشر المتوفى سنة 80 ه الذي نعت بالفاسق ولم يشمله ما شمل سابقيه من الشعراء.