آخر الأخبار

البنيان والعمران : نماذج من حواضر المغرب

احتضن قصر البديع التاريخي نهاية الأسبوع الماضي،  الدرس الافتتاحي للموسم الثقافي 2023 المديرية الجهوية للثقافة بجهة مراكش – آسفي حول موضوع “البنيان والعمران : نماذج من حواضر المغرب” للدكتورة مدينة المغاري،

أستاذة وباحثة بالمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية والإيبيرو أمريكية التابع لجامعة محمد الخامسة بالرباط، أستاذة التعليم العالي وباحثة في كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، حاصلة على دكتوراه السلك الثالث في موضوع “المساجد الجامعة خلال عهد السطان المولى سليمان 1792-1822 ، حاصلة على دكتوراه الدولة تخصص “تراث وعمارة “إسلامية حول موضوع الصويرة دراسة تاريخية وأثرية”، بالإضافة إلى أنها عضو خبير في عدة منظمات وطنية ودولية تُعنى بقضايا التراث والعمارة، صدرت لها العديد من المؤلفات والإصدارات من أهمها: “مدينة الصويرة موكادور: دراسة تاريخية أثرية”، البحث في أصول النسيج الحضري ما بعد الوسيطي .

اللقاء الذي اشرف على تسييره الدكتور محمد رابطة الدين استاذ جامعي سابق بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش شعبة التاريخ، افتتحه الاستاذ سمير وناسي المسؤول عن قسم الشؤون الثقافية بالمديرية الجهوية للثقافة مراكش أسفي، التي أشرفت على التنظيم  بتنسيق مع محافظة قصر البديع، بكلمة ترحيبية بالاستاذين المشاركين في اللقاء و بالحضور المتميز لنخبة من المهتمين بالتراث و التاريه، مشيرا إلى أن التراث العمراني يمثل الأداة الرئيسية لنقل القيم والقواعد المشتركة والتواصل بين الماضي والحاضر وتعزيز الهوية الوطنية للشعوب، و تشكل المدن التاريخية إرثا حضاريا زاخراً ببعده التاريخي و نسيجه العمراني وتكمن أهمية المدن التاريخية والمواقع الأثرية باعتبارها نتاجاً لطبقات متوالية من التاريخ البشري طبيعياً ومعنويا، وارتبطت العمارة بالإنسان ارتباطا وثيقا بوصفها عملا لازما له ومعبرًا عن ثقافته، فعبر التاريخ تتكون حضارات وأمم تسعى لتمييز هويتها، وتصيغ تلک الشعوب حضارتها في مبان تعکس ثقافتها ورقيها ومدى تفاعلها مع مكونات البيئة المحيطة، وتقترح الدكتورة مينة المغاري في محاضرتها العلمية نماذج مختارة من الحواضر المغربية، طارحة بعض القضايا للنقاش من قبيل النماذج المعمارية ، والتعبير، والرموز، والدّلالات، وقضية التأثير و التأثر ، والترميم مداخلة الدكتور محمد رابطة الدين التقديمية للدكتوة المغاربة جاء فيها :

المحاضرة الاستاذة مينة المغاري، تعد في طليعة نخبة كبار المؤرخين المغاربة. الذين اثروا حقول المعرفة الخاصة بتاريخ وتراث المغرب، ومن المبرزين من الباحثاتالمتمرسات اللواتي ساهمن فى تجديد بناء درس التاريخ في الجامعة المغربية من طبقة الأستاذات الفاضلات : حليمة فرحات،نعيمة هراج التوزاني وفاطمة الحراق .

من أهل المعرفة الرصينة بتاريخ المغرب الإسلامي القائمين على تراثه المعماري الحضري منه والقروى. بصيرة بخباياه،صاحبة خيرة فيه وإنتاج. أعمالها تكشف الحصانة المنهجية الصارمة، والانفتاح المتجدر والنقد الذاتي، والبحث الميداني الذيتؤطره مناولاتها النقدية ومراجعاتها العلمية ، مما جعل مقارباتها مستوفية لاكثر ما يمكن من شروط الجودة و الاتقان ،اعطت قيمة مضافة لتاريخ وترات المغرب المعماري، ساهمت في إغناء المعرفة وتحسين الخبرة، وإغناء الاجتهاد و تحقيق الفهم،يتصدر عملها الممتاز : مدينة موكادور الصويرة دراسة تاريخية الكتاب الذي حازت به على جائزة المغرب للكتاب برسم سنة2006 .

وحول موضوع الدرس الافتتاحي أوضح الدكتور رابطة الدين انه “دون شك فإن أهمية وقيمة موضوع البنيان والعمران. الخاص بالمدينة المغربية ، لا تخفى على الأقل على ذوي الاختصاص والباحثين والمهتمين.

فالبنيان والمعمار – يضيف رابطة الدين – يشكل رصيدا وثائقيا ماديا هاما في مرجعيات عمل علوم مختلفة كالاركيولوجيا، و الجيولوجيا والتاريخوالهندسة المعمارية ، والاقتصاد، والبيئة و اعداد المجال ، وهو أيضا عنصر له قيمته الرمزية المحددة للهوية المحلية والوطنية،وجسر عبور للمرور من تأمل الماضي الى مساءلة الحاضر، رمز لذاكرة تختزل تاريخا تتقاطع عندة مظاهر متعددة لعلاقة الانسان بالمجال فى نسق نواحي الحياة .

و أشار الدكتور رابطة الدين الى أن البنيان والعمران  هو ملتقى صنائع وخطط، وحقل اجتهاد و ابداع وابتكار، واستغلال الخيرات المجالية والخارجية فىهندسة المعمار وتوظيف مواد البناء لانتاج بنيان قادر على أداء وظائفه،

هو موضوع يطرح قضايا للبحث والتأمل على اكثر من تخصص، تهم المسح و الاستكشاف والتنقيب والحفريات والانقاذوالترميم والصيانة والحماية والادماج وإعادة التوظيف وتلتقي كلها عند اشكالية التراث والتنمية.

لعل من شروط وضمانات تحقيق انخراط سليم ومنتج للبنيان والعمران في الحداثة، باعتبارهما من منتجات الخيرات الثقافيةالحية، يقتضي بالضرورة إيقاف مظاهر وأشكال التخريب و التشويه التي تعرضت لها ولا تزال . ومحاربة أسبابها، ثم الإنقاذوالحماية والصيانة أولا، وإعادة التوظيف المناسب لها، وأخيرا الادماج المنتج لها فى هياكل اقتصاد المجال.

ففي الأول تتحقق المصالحة مع الذات، والاعتراف بجهود الغير والأسلاف، ويسمو الوعي بالهوية الثقافية للمجال ، ففى الثانيتزداد ضمانات البقاء والاستمرار المتناغمة مع مكتسبات الحداثة. وتحضر فى الثالث معادلة البعد الاقتصادي للثقافة عبرعقلنة استثمار التراث كمنتوج ثقافي ورأسمال ثابت قابل لانتاج قيمة اقتصادية مضافة .

وأخيرا فإن هذا اللقاء العلمي، وما يجرى مجراه ، يشكل فرصة مناسية لتبادل الراي واختبار المقاربات بين الكفاءات المتداخلةالاختصاصات ، من جامعيين ومهندسین معماريين و سلطات معنية فى موضوع يهم مستقبل المدن التاريخية، ويسهم فيرصد وجرد وتصنيف وتشخيص المشاكل الحقيقية ..

و اغناء الحوار وثقافة الانصات حولها بغية فهمها الفهم الصحيح، والمراهنة على الخروج بتراكم فى الاجتهادات والاقتراحاتفي أفق الإعداد لوضع مشاريع الحلول المطلوبة، خدمة للمجال و ساكنته تحصينا لخصوصيته الثقافية من الضياع، وإغناءثقافة التربية على حماية التراث ، ومبادئ المواطنة الواعية والمسؤولة التي تجعل من الانسان راعيا لمكونات تراثه، مستثمرالخيراته ومنافعه ، مستثمرا غيورا على رأسماله، وتحول البنيان والمعمار إلى تحف فنية جميلة تصر الناظرين ، وما احوج مراكش الحاضرة الى كل ذلك.

قبل أن تتناول الكلمة الدكتورة المغاري التي قدمت عرضا مفصلا عن التراث و المعمار عبر نماذج من مكناس، الصويرة مشيرة إلى أن التراث العمراني يمثل الأداة الرئيسية لنقل القيم والقواعد المشترکة والتواصل بين الماضي والحاضر وتعزيز الهوية الوطنية للشعوب.و تشکل المدن التاريخية، و هو  إرث حضاري زاخرا ببعده التاريخي و نسيجه العمراني ، و أهمية المدن التاريخية و المواقع الأثرية جاءت في کونها نتاجاً يحتوي على طبقات متوالية من التاريخ البشري طبيعياً ومعنوياً.

وأكدت الدكتورة أن العمارة ارتبطت بالإنسان ارتباطًا وثيقًا بوصفها عملًا لازمًا له ومعبرًا عن ثقافته، فعبر التاريخ تتکون حضارات وأمم تسعى لتمييز هويتها، وتصيغ تلک الشعوب حضارتها في مبانٍ تعکس ثقافتها ورقيها، ومدى تفاعلها مع مکونات البيئة المحيطة. نقترح من خلال نماذج مختارة طرح بعض القضايا للنقاش من قبيل  النماذج المعمارية ، والتَّعبيرُ، والرُّموزُ، والدِّلالاتُ وقضية التأثير و التأثر ، والترميم، لينتهي اللقاء العلمي الماتع بمداخلات بعض الحاضرين، قبل تسليم تدكار المشاركة للدكتورين المغاربة و رابطة الدين .