آخر الأخبار

ملاحظات أولية حول سؤال الماركسية اليوم

والأسئلة في هذا المنحى عديدة، ومنها مثلا، هل التحديد الاقتصادي لوحده كافٍ في تعريف الطبقة بحسب موقعها ومصالحها الموضوعية في ميادين الإنتاج، أم أن مفهوم الطبقة لا يكتمل إلا عندما تملك الوعي بمصالحها ودورها، أي عندما تصير طبقة لذاتها بعدما كانت طبقة في ذاتها، كما هو وارد عند ماركس بأشد الوضوح. أم أن المعيار الحق ما تقوم به وتعبر عنه “الطبقة” في مخاض الصراع الاجتماعي، كيفما كانت محدوديته وكيفما كانت خلافاتها الداخلية. وهل الأرقاء والأقنان شكلوا في التاريخ طبقتين لذاتهما، أم أن هذا المفهوم لا ينطبق إلا على الطبقات الحديثة، البورجوازية ثم البروليتاريا افتراضا. ومن هذه الوجهة، هل لابد وأن تكون الطبقة قادرة على قيادة نمط إنتاج جديد حاملة له، كما فعلت الطبقة البورجوازية على سبيل المثال، والبروليتاريا على سبيل الافتراض !

ما يهمني في هذه العجالة الخلاصتين التاليتين :

أولا: يحتفظ التصور المادياني الماركسي السابق، عدا قدراته على التحليل التاريخي البعدي، على جميع صلاحياته الإجرائية، من حيث ينبغي على الدارس الماركسي أن يعطي الأولوية لتحليل البنية الإنتاجية التحتية لأنها هي التي ترسم له نمط الإنتاج الممكن. ولعل هذا الفهم هو جوهر انتقادات ماركس وانجلز للاشتراكيات الطوباوية، وليس بعيدا عنه انتقادات لينين للشعبوية الروسية في بحثه عن تطور “الرأسمالية” في روسيا.

ثانيا: وعلى أساس هذه المعرفة الضرورية، يمكن تحليل مختلف الصراعات الاجتماعية السياسية والاقتصادية والأيديولوجية، ومدى ارتباطها بالمصالح الموضوعية لهذه الطبقة أو تلك ولتفرعاتها الفئوية وغيرها، وكذلك للعلاقات البينية التي تتشكل خلال هذا الصراع بين المكونات الاجتماعية، والتي لا تعكس دائما المصالح الطبقية الموضوعية. ولنا في التحليلات السياسية لكارل ماركس نموذجا ثريا لغنى وتعقيد الصراعات الاجتماعية وتفردها في كل مجتمع، وعدم مطابقتها دائما لتحليل المصالح الموضوعية لهذه الطبقة أو تلك.

وهذا يطرح علينا سؤاالا آخر عن مكانة ودور الدولة في هذا التصور المادياني. وهذه قضية أخرى سأتركها جانبا، وكل ما أستطيعه في هذه العجالة أن أؤكد على الخلاصات التالية:

محمد الحبيب طالب