آخر الأخبار

مراكش الف حكاية و حكاية لعبد الله العلوي

تقديم حسن أوريد –  1 –

يأتي الخيـر مـن الجنوب ، والشـركـذلك ، حكمـة مأثورة في وجدان المغاربة ، لأن الجنوب هو معين عبقرية المغرب والصـائن لها ، والحافظ لجذوتها ، وحينما تتحلل الأصرة بالجنوب يدب الوهن إلى الشمال . اقترنت عظمته لمـا كـانـت مـراكش عاصمة للمغرب في ظـل المرابطين والموحدين ، وفي شطر من دولة السعديين ، ولا غـزو أن تكون حاضرة مراكش هي ما أعطى للمغرب الاسم الذي عرف به لدى الأوربيين ، وسرى في البلاد العربية كذلك قبيل الاستقلال . كانت مراكش حاضنة لأوجه الثقافة المغربية جميعها ، من العمق الأمازيغي ، الذي يظل ماثلا في كثير من الكلمات المتداولة والتراكيب المستعملة ، بل في اللكنة المراكشية ، وفي ساكنة الأحـواز المحيطة بها من الناطقين بالأمازيغية ، ممن كانوا ينزحون إليها ، عبر الزمن ، ثـم مـن التراث الأندلسـي ، مـن خـلال المعمـار والكلـف بالجنان وضروب الجمال ، مع طريقة العيش ، مذ ارتحل كثير من الأندلسيين إلى مراكش منذ المرابطين فالموحدين، ثم إبان المنصـور الـذهبي زمن السعديين ، ولم تأخذ مراكش من الأندلس طريقة عيشها فقط وتفتقها ، بتعبير ابن خلدون ، ولكن نظرتها للحياة ، وميلا عقلانيا متأصلا فيها ، وكانت موطن علماء عقلانيين ومحجا لهم ، منهم من طبقت شهرتهم الافاق أمثـال ابن طفيل وابـن رشـد والابلي وابـن البـنـاء العـددي ، ومـن هـم دون ذلك ، وحافظت على ما كان يطبع الأندلس من توادد وتعايش بين الملل والنحل ، وممـا هـو متأصل في وجدان المغاربة قاطبة ، فعاش في كنفها اليهود ، في تـوادد وتـراحـم مـع المسلمين ، وكان لهـم أولياؤهم وسـادتهم ، ممـن وفـاهم المسلمون التقدير ، بل التمسوا البركة منهم ، ومنهم من أسلم وحسن إسلامه .. وطائفة لا نتحدث عنها كثيرا من العلـوج ، ممـن اشتغلوا في البلاط ، في عهد السعديين خاصة ، وتحولوا إلى الإسلام ، وأصبحوا جزءا من نسيج مراكش.ناهيك عـمـن وفـد إليها من بلاد القبلة ، وتأصل بها ، وصحب معه طرائقه وفنونه ، كما فن كناوة . ومثلما كانت مراكش منارة للعقل ، كانت قبلة للروح ، فاحتضنت لأولياء والأقطـاب مـن ذاع صيتهم ، وانتشـر تـأثيرهم في ربوع بلاد الاسلام .