آخر الأخبار

ما حدث في ضواحي القنيطرة يلزمنا بدق ناقوس الخطر…

عبدالحق عندليب

ما وقع مؤخرا بأحد أسواق نواحي القنيطرة من سرقة ونهب جماعي للخضروات والفواكه من طرف مواطنين ومواطنات أمام مرآى ومسمع مئات المتسوقين والمارة وأمام عدسات الهواتف النقالة هو أمر في غاية الخطورة. فهي واقعة قد تسعفنا في التحليل واستخلاص الخلاصات والعبر عندما نضيف إلى اللوحة جرائم جماعية أو فردية أخرى لازالت عالقة في أذهاننا والتي وقعت خلال السنوات الماضية من قبيل الاعتداء الجنسي الجماعي على قاصر داخل حافلة وتصوير ونشر الحادث من طرف المعتدين أو الاعتداء بالضرب على أستاذ داخل الفصل وتصويره بشكل استفز مشاعرنا أو سرقة خرفان ليلة عيد الاضحى داخل سوق لبيع المواشي أو قطع رأسي سائحتين ببرودة دم أو قتل أبوين بسبب رفضهما مسايرة حاجة إبنهما إلى المال لاقتناء المخدرات…وغيرها من الجرائم المقززة والمقرفة والتي تبعث على الغثيان وتولد في نفوسنا أقصى درجات السخط والتدمر، أقول عندما نتوقف عند مثل هذه الجرائم بالتأمل والتحليل لا يمكننا إلا البوح بما يخالجنا من مشاعر الأسى والإحباط والاستنكار ولا يمكننا كذلك سوى إطلاق العنان للتفكير والبحث عن الأسباب العميقة وراء ما وقع دون السقوط في منطق التبرير والتماس الأعذار والبحث عن مشجاب لتعليق أي فشل أو أي عجز لمجتمعنا ولدولتنا للتصدي لهذه الظواهر وللانكباب على معالجتها.
صحيح أن سرقة مواد للأكل يترجم حالة العوز والهشاشة التي بلغتها بعض الطبقات المسحوقة إلى درجة أصبحت معها القيم الأخلاقية بالنسبة لها في الدرك الأسفل من همومها. لكن مع ذلك أقول بأن تفشي هذه الظواهر رغم أن حجمها لم يصل بعد إلى درجة الخطورة القصوى فإنها مع ذلك تسائلنا جميعا كدولة وكحكومة وكأحزاب وكمجتمع مدني وكمدرسة وكمثقفين عن التقصير في لعب الأدوار المنوطة بنا جميعا في التربية والتأطير والتوعية وتقديم الخدمات وفي الرفع من القيم الإنسانية والاجتماعية النبيلة وإشاعة التربية على المواطنة وثقافة ربط الحق بالواجب…
إن الأمر في نظري المتواضع لا يجب أن يقتصر على الردع والتشدد وإنتاج المزيد من المقتضيات القانونية الرادعة وهي أمور ضرورية ولا مناص منها، لكنها غير كافية لمعالجة هذه الظواهر معالجة جذرية وشاملة وهو ما يقتضي أولا وقبل كل شيئ طرح الموضوع بشكل ملح على طاولة النقاش العام وإقحام الجميع للبحث عن الحلول النجعة من بدء من مؤسسات الدولة والأحزاب الوطنية ومن المجتمع المدني ومن المربين ومن علماء الاجتماع وعلماء النفس ومن المثقفين والإعلاميين، وأساسا من الأسر التي تعتبر الخلية الأولى لغرس القيم الأساسية للتربية السليمة وروح المواطنة والوعي المجتمعي المتمدن.
فلينخرط الجميع بروح من المواطنة ووحدة المصير والتخلي عن المزايدات السياسوية والحسابات الضيقية وتصفية الحسابات وكل ذلك من أجل إنقاذ الوطن مما قد يصيبه من وباء اجتماعي فتاك لا قدر الله قد ياتي على الأخضر واليابس.