آخر الأخبار

عن السحت أتكلم

نور الدين عقاني 

مات برنارد طابي أول و آخر رئيس نادي فرنسي قهر العملاق ميلان أسي ليفوز بالكأس ذات الأذنين.
رحل هذا الصباح الرئيس المثير للجدل في الأوساط الكروية بفرنسا و بأوروبا في النصف الثاني من التمانينات و في بداية التسعينات .
قد يختلف معه البعض و لكن مع ذلك يجب الإعتراف بأنه بفضل هذا الرجل الشجاع عادت فرنسا للواجهة الأوروبية و العالمية من جديد ..خططت عن قرب و عن بعد فأنتجت لاعبين عظاما و استقطبت نجوما أساطير و حازت ألقابا كبرى كانت عصية قبل عهده.
برنارد طابي بنى فريقا قويا في عهده..بسط نفوذه على الكرة الفرنسية و حقق حلمه بالتتويج القاري على حساب فريق غريمه برليسكوني، لكن في الطريق لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي و الوحيد في الخزانة الفرنسية استعمل بانتظام و للأسف أساليب الغش و الخداع بواسطة الرشى و دفع العمولات الكبيرة التي دأب على العمل بها في حياته المهنية الأخرى كرجل أعمال و كبرلماني و كوزير.
الرجل القوي في عهده كان يتحكم في كل شيء و كان يحكم قبضته على كل مكونات نادي اولمبيك مارسيليا من لاعبين و مدربين و مسيرين و كان يدفع بسخاء للصحافة المعارضة لشراء سكوتهم.
استقطب ألمع من كان يمارس بالبطولة الفرنسية من لاعبين محليين أو أجانب..جلب مدربين على المقاس ليملي عليهم توصياته دون نقاش..لم ينجح في ذلك مع فرانز بيكنباور الذي تعاقد معه مباشرة بعد فوزه بكأس العالم رفقة المانشافت..أحاط نفسه بمسيرين طيعي أمره سيغدرون به في وقت الشدة..نافس كبار مسيري فرنسا بيز بوردو و دينيزو البسج و نيكولان مونبولييه و كامبورا موناكو..جابه الكبير سيلفيو بيرليسكوني مرتين قبل أن يظفر على حسابه باللقب الفضي.
قصة سقوط الرئيس الحديدي تعرفونها بدون شك مع إنفجار قضية( اويم فا) مع ما رافقها من تشويق و إثارة و ما شهدته من ضلوع و تورط العديد من اللاعبين و الصحافيين و المسيرين معه.

لكن ما وجب استخلاصه من هذه الفضيحة هو أن ما يبنى بسرعة يهدم بسرعة و أن الاندفاع نحو تحقيق الأهداف يؤول الى التهور فإلى الغرور ثم إلى الجنون و هو الأمر الذي وقع فيه صاحبنا في غياب رجال النصح و الإرشاد و الوفاء الذين تواروا عن الأنظار في وقت النائبات.
مثل برنارد طابي بشكل مصغر يوجد لدينا ببطولة المسخ لدينا، بطولة البيع و الشراء، بطولة شوف واسكت، بطولة تنافس الأحزاب السياسية، بطولة رؤساء لم يمارسوا قط و لو في فئات الفرق التي يقودونها.
الفرق بين برنارد طابي المسيحي و رؤسائنا المسلمين هو أنه يعرف مصيره الأخير راضيا عنه في حين أن كلخائنا لا يعرفون و لا يحب أن يعرفوا.
البذخ و الترف و تحصيل الأموال الحرام من جيوب دافعي الضرائب الحلال لن ينفع رؤسائنا الجهل في وقت استشراء المرض الفتاك ذبول الصحة و اضمحلال العافية و هروب الخلان و غدر العشير.
لك يوم يا سحت، لك يوم يا ظالم.