آخر الأخبار

عباس بن بوستة شاعر الملحون من مراكش

سعيد عفلفل

يعد عباس بن بوستة من كبار شعراء الموهوب بمراكش ويتحدرمن اسرة عريقة من العلماء والاعيان، كان يقطن بحومة قاعة بن ناهض كما ذكر في قصيدة السفرية : ” في قاعة بن ناهيض منزلي مابعاد ”. كان هذا الشاعر يشتغل كقهواجي داخل سوق الصوافين وكان زاهدا في الدنيا ، هاجر في وقت من الاوقات الى مدينة فاس، ومكث في سلا مدة غير يسيرة.

توفي عباس بن بوستة في مدينة مراكش في شهر صفر سنة 1367الموافق لشهر يناير عام 1948.

وقد تقلد آل بوستة مناصب عليا في الماضي ، وقد سبق ان عرضنا للحادث الذي وقع بين الشاعر ابن ابراهيم الحرار واحد باشاوات مراكش من آل بوستة.كما تعرض احد رجالات هذه العائلة للتنكيل والقتل من طرف باشا مراكش الحاج التهامي الڭلاوي. فنظم السي عباس قصيدة سماها “العزاء” هجا فيها التهامي الڭلاوي، كما لا تخلو قصيدته “السفرية” من إشارات وتلميح للباشا الڭلاوي وسنعود لهذا لاحقا.
. وبالعودة إلى الحادث الأليم وهو مقتل عم الشاعر عباس على يد رجال الڭلاوي، أشير إلى أني استقيت المعلومات حول هذه الواقعة من كتاب والترهاريس المعنون ب ” المغرب الذي كان ” كما وردت الواقعة في كتاب ڭوستاف بابان ” صاحب الفخامه ‘وكتاب ڭاڤين ماكسويل ” سادة الاطلس : آل الڭلاوي من الصعود إلى السقوط ” الذي يحكي قصة آل الڭلاوي من البداية حتى النهاية.
في وقت من الأوقات أحس الباشا الڭلاوي أن السلطات الإستعمارية الفرنسية غير راضية عنه ووصله الخبر من أحد جواسيسه بأن فرنسا تريد التخلص منه كباشا لمدينة مراكش وتعويضه بشخص آخر يحضى باحترام الأهالي ويتحلى بقدر كبير من النزاهة. وكان أكبر المرشحين لخلافة الحاج التهامي هو محمد بوستة،رجل له سمعة طيبة، وهو سليل عائلة مراكشية عريقة مقربة من المخزن. أصر الڭلاوي على استحالة عزله وتعويضه بشخص آخر، وأنه من المستحيل أن يترك مجهود سنين لكي يصل إلى سدة الحكم يذهب سدى.
في يوم الجمعة 16 يناير 1920 ذهب محمد بوستة إلى مزرعته في منطقة السويڭة ضواحي مراكش وأخذ معه خادمته وحارسين، وبعد يوم بين أحضان الطبيعة خلد محمد بوستة إلى النوم.في تلك الليلة حاصر مجموعة من الأشخاص الضيعة وقاموا بتكبيل الحارسين، دخل هولاء الأشخاص إلى البيت ووجدوا الخادمة، وكانوا يتكلمون أمازيغية الأطلس الكبير ويرتدون لباس قبيلة ڭلاوة، قام هولاء بدبح الخادمة لكنها لحسن حظها لم تمت، بعد ذلك دخلوا غرفة محمد بوستة وأطلقوا عليه الرصاص وتوفي في الحين.غادر القتلة الغرفة مسرعين.انتشر خبر مقتل محمد بوستة انتشار النار في الهشيم واتجهت أصابع الإتهام إلى الباشا التهامي الڭلاوي الذي اختفى عن الأنظار، ونظرا للمكانة التي كان يحضى بها محمد بوستة بدأت السلطات الفرنسية التحقيقات في هذه الجريمة البشعة لكنها لم تصل إلى الفاعل الحقيقي الذي لم يكن سوى الباشا التهامي الذي عرف بذهائه ونفوذه كيف يبعد التهمة عنه.
في قصيدته ” السفرية ” هناك هجاء مبطن للباشا الڭلاوي انطلاقا من القسم الخامس.يقول بن بوستة:
من يتولى يا صاح***زاد قلبو قساح
لو كان من الصلاح***يعود لص وقبيح
من لا يسعى فصلاح***لا فحكمو صلاح
والظالم ما يصلاح***لو يقولو مليح
لحت حجرة الرداح***من السطاح تلاح
جاك القرد الشطاح***من ولاد لمسيح
عتروس وڭالو شادي**عجبا للسلماج للعوهج قاد
ولليس زهرفاسادي**وارجع بالقهرعليه حاكموفالبلاد
راه هادي هي هادي
بعد أربعة اقسام يغلب على معجمها الطابع الديني من إحساس بالندم على تضييع الوقت في اللهو والاستهتار؛ والوعظ والدعوة الى التوبة والعدول عن الغي والرجوع إلى جادة الصواب ،يتغير الخطاب في القسم أعلاه إلى خطاب سياسي جلي وبين؛ فكلمة ” من يتولى ” تعني فيما تعنيه من يحكم وهي إشارة إلى من يحكم آنذاك ألا وهوالباشا التهامي الڭلاوي الذي يرميه بألفاظ قوية : الظالم الذي لا يصلح للحكم والولاية فرضه المستعمرالمسيحي الذي شبهه بالقرد.إنه كالتيس ” عتروس ” لا يقوى على الإنشاد والشدو.في صورة شعرية رائعة يصف لنا الشاعر الوضع وقتئذ؛ وضع غير طبيعي، شاد ،وضع يتحكم فيه الصغير التافه ويقود الكبير، الشجاع. كيف يمكن للنمل ” السلماج ” ان يسيطر ويقود جملا ”العوهج ” ؛ وهل نستسيغ ان يزأر صغير الثعلب ” الليس ” في رواية أخرى ” اللير ” في وجه الأسد ويخضعه. أمر لا يستقيم ولا يستوي ولكنه الوضع كما عاشه شاعرنا: ” راه هادي هي هادي ”.
نظم عباس بن بوستة قصائد عديدة في مختلف الاغراض و المواضيع الا ان اشهرها او اكثرها تداولا في صالونات الملحون هي قصيدة ” السفرية”، وحربتها
كلهما المسافرين دارو الزاد ***** وانا ياربي زادي
رحمة ربي وشفاعة شفيع العباد**** صلى الله على الهادي
ورضى الله على الآل الخيار لمجاد **** وعلى الحسنين سيادي
*قصيدة “بهجة لمتون” وحربتها
مضمونة من الباس بهجة لمتون حوزها هل لفضل ضمان
واللي حبي الله فالوطن ينحاز معانا
قصيدة  “بهجة لمتون 2 ” نظمها وهو في الغربة بمدينة سلا
لالة لمدون صولي يامولاتي البهجة صولي على كل لبلاد إلا مكة ومدينة يثرب
له عدة قصائد في الوعظ من بينها قصيدة حربتها
ألواقف في باب الغير لاريب باب ربي يغنيك على جميع لبواب
موعضة أخرى وحربتها
قلع من أرض النفس وشوف لسما الروح واعلم وينك رايح واربح كرم الله حي
ويلا تروح لمقامك تضحى فارح
قصيدة “النفسية”
ربي يحب اللي يحمدو نفسي شكري وحمدي الله دايم حي وحدو نسعى يرحمني فللحد
فوجه خير الخلق عندو يقول سيدي رحمة عبدي
وله جفرية تسمى “العتلة” وحربتها
در عتلة في بحر النيل واقفة واعمل حدام من عفارت وقافة عنف وقفة بها هدأ وطان من يتفافا
وله جفرية اخرى وحربتها
لا تغرب في الغرب مع المغاربة والغرب غريب صاير به غريبة
من غرايبوعاد اهلو غربا والعدا قربا
وتعد هذه القصيدة من اوليات شعره الذي نظمه ايام مولاي عبدالعزيز.
ومن القصائد الوطنية التي نظمها في هجاء المستعمر الفرنسي قصيدة “اللامية” أو “راب سور الداعي” وحربتها
راب سور الداعي وتشتت الشمل رجالو ماتزاولو على مالو جاه عمالو المرقي شانو في كل عمالة
*وفي نفس الموضوع له قصيدة “العينيه”وحربتها
له لمقام في كل لمقام يرعى نبيل الفكروالحشاشا مع واعي من صنايعو يتفهم من في سراه شجاعة
*وله قصيدة اخرى في نفس الموضوع وحربتها
خيب الله القوم اللي تنصرو وانتصرت ملة الاسلام أسيدنا
وفي العشاقي له العديد من القصائد من بيينها
*قصيدة خناتة وحربتها
لالة لبنات صولي يا مولاتي خناتة صلتي على جازية وعبلة وبنات العز والخنات
*قصيدة حبيبة وحربتها
نصرو سود النجلا الريم حبيبة ولفي طياب لجياب ماكيفها المحبوبة حتى حبيب عندي ولا محبوب
*قصيدة المحبوب وحربتها
غيبتي يا محبوب عن اوطان لحبيب طولتي هاذ الغيبة طول الغيبة بعد الموالفة ياك عيب عيب الهجرة وصعيبة
*وله قصيدة في مدح سيدي احمد التيجاني “ا لتيجانية” وحربتها
سيدنا مولاي احمد شيخنا التيجاني ابن سالم لمجد تاج العارفين امام الطائفة القايمة بالجمع والازار صاحب الجوهرة
فى ختام هذه الورقة لا بد لي من تقديم شكري للصديقين العزيزين السي احمد بدناوي والسي عبد الجليل بدزي اللذين مدني بمعلومات غاية في الأهمية بخصوص عباس بن بوستة عامة وقصيدة السفرية على وجه الخصوص.