آخر الأخبار

ظهر القرصان من جديد

إدريس المغلشي 

القرصان من قطاع الطرق في البحر بطبعه يسطو على كل ما يصادف واحيانا اخرى على الشاطئ القريب منه .انه لص محترف قادر على السباحة وقوة السطو معا فوق الماء.
قرصاننا هذا جمع بين الخاصيتين معا حتى شاع خبره في أصقاع الدنيا في البر والبحر ولم تعد لشهرته حدود .تسلل منذ زمن ليس باليسير الى سدة التسيير تحذوه رغبة للتحكم في رقاب الناس وقطع ارزاقهم. يعلم جيدا ان السياسة بعدما فقدت بريقها وغادرها الشرفاء الذين ناضلوا من اجل بقاء صرحها صامدا ضد الترهل والسمسرة وبيع الوكالات والتزكيات وبعدما هجرتها الأطر النظيفة التي كانت تغني فضاءاتها وارجاءها بالنقاش الراقي والافكار الجميلة التي جعلت من السياسة قيمة ثقافية نبيلة ورافعة اساسية للنهوض باوضاع الناس .تخلى الكل عن مقومات المؤسسة وأصبحت ملاذا للمنحرفين والفاسدين كي يؤمنوا متاعهم المتحصل عليه بطرق غير قانونية . واصبحنا نشاهد كيف سادالمنطق العائلي والعلاقات الغير منضبطة للقانون الاساسي وكل ماهو ضد الاعراف السياسية .فخرج للساحة من هم اشد وقاحة يبررون وجودهم ويدافعون على اسيادهم وولي نعمتهم اكثر مما يدافعون عن كرامة المواطن ويجعلون من التمثيل النيابي فرصة للاغتناء والتحصين من أجل الدفاع عن مصالحهم اكثر من الالتفات لهموم المواطنين .
القرصان سليل عائلة تاجرة راكمت في المال والأعمال مالا عين رأت ولا اذن سمعت ويعلم جيدا ان في السياسة سلاحه الضروري القادرعلى حماية ثروته و بسط نفوذه في الساحة ليس على الرقعة الانتخابية فقط بل على حتى النخب السياسية . فبعدما جفف ينابيع الاعلام الحر واصابته خيبة وخبث المؤامرة ، استطاع تصفية منافسيه ومناوئيه على حد سواء لانه لايقبل ان يعلو كلام فوق كلامه وهو يعلم علم اليقين ألا احد يطيق خطبه الفجة ولغة منصاته الركيكة المفككة التي لاتحمل في جوفها سوى الكلام المعسول والفارغ ، نجح في استقطاب التابعين والمريدين بعدما اسكرتهم اكرامياته السابقة سر قوة القرصان انه يجمع بين التجارة والسطو فقد يلجأ لاغرائك بطعم مؤقت ليسحب منك كل متاعك ليترك على الحضيض .

لاشفقة ولا رحمة في تعامله مع الآخرين .عليكم ان تتذكروا في السنوات القليلة الماضية كيف قضى على بعض الاصوات المزعجة بادخالها للسجن ولمدد طويلة قد تنسي المرء اصله وفصله لعله في الأخير يتذكر بالكاد اسمه من خلال بطاقة التعريف المتبقية في جيبه بعدما افقده اعز ما يملك قلمه الجريء ورصيده المالي الذي كسبه من عرق جبينه. لا احد يجرؤ على مخاطبته رغم ان الكل يكره ذكر اسمه .فهو اصل المآسي ليس منذ توليه رئاسة الحكومة بل منذ عقد ونصف .

الكثير منا يصدر احكاما دون ان يكلف نفسه العودة قليلا للماضي .فلو كنا نمتلك ثقافة تمحيص وتدقيق سير هؤلاء المسؤولين ماكنا لنهرول يوم الانتخابات للصناديق من أجل منح ترخيص لهؤلاء القرصان كي يقضوا على احلامنا وآمالنا بجرة قلم .