آخر الأخبار

جريمة الاتجار بالبشر في ضوء القانون و الممارسة القضائية

احتضن فضاء محكمة الاستئناف بمراكش، يوم الخميس 18 يوليوز ندوة حول ”  جريمة الاتجار بالبشر في ضوء القانون و الممارسة القضائية”
وجاء في الورقة التقدمية للندوة :

تشكل جريمة الاتجار بالبشر ظاهرة دولية، تمتد لتشمل العديد من الدول في صور وأنماط مختلفة، فهذا الشكل الحديث من العبودية يمثل إهانة لكرامة الإنسان ويعد شكلا من أشكال الرق المعاصر، لأنه يعتمد في الغالب على أعمال الإرهاب النفس ي والعنف البدني.

كما يعد الاتجار بالبشر أحد أكثر الأنشطة الإجرامية خطورة في العالم، لما يمثله من انتهاك لحقوق الإنسان و حرياته الأساسية بعدة طرق باعتباره واقعا ملموسا ومتزايد التطور، حيث يؤدي إلى تشريد ملايين الأشخاص من بلد إلى آخر ، و هو ما انعكس على أشكال التصدي المحتمل لهذا الصنف من الجرائم الذي يتصدره الاستغلال الجنس ي كأقدم صور الاتجار بالبشر إلى جانب صور حديثة له ظهرت كبيع الأعضاء البشرية واستغلال خدم المنازل وغيرها من الصور .

وباستحضار المعطيات والاحصائيات، فوفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ، فإن 35 ٪ من ضحايا الاتجار بالبشر هم ضحايا الاستغلال الجنسي ، و 04 ٪ منهم يتعرضون للعمل القسري و 7٪ للاستغلال الجنس ي مع أشكال أخرى من الاستغلال و نسبة 55 ٪ من ضحايا الاتجار بالبشر في العالم هم من الأطفال، كما أكدت منظمة العمل الدولية (ILO) أن العمل القسري سيولد 034 مليار دولار من الأرباح غير المشروعة في السنة في الاتحاد الأوروبي، وأشارت الإحصاءات التي قدمها مكتب الإحصائي الأوروبي إلى زيادة بنسبة 01 ٪ تقريبًا في عدد ضحايا الاتجار بالبشر بين كل سنتين، إن كل هذه المعطيات وغيرها تعكس واقع مرير لا يزال من الصعب تقييم أضراره،

وبالنظر إلى هذا الأمر فقد أدرك المجتمع الدولي أن مكافحة جريمة الاتجار بالبشر بفعالية يقتضي تظافر الجهود وحشد الإمكانيات لتطويق هذه الجريمة والحد منها، وهي العوامل التي أدت إلى إبرام مجموعة من الاتفاقيات والبروتكولات كاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 1444 والبروتوكول المكمل لها المتعلق بمنع وقمع الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال.

وقد انعكس هذا الأمر على التشريعات الوطنية لا سواء العربية منها أو الأجنبية ذلك أن معظم الدول اليوم أقرت قوانين وطنية قصد الحد من جريمة الاتجار بالبشر ومكافحتها مع الحرص على توفير تدابير حمائية تهدف إلى مساعدة ضحايا هذه الجريمة سواء كانوا فعليين أم محتملين. ولم يكن المغرب بمنأى عن هذه الظاهرة، فتأكيدا منه على رغبته الجادة في مواجهة هذا النوع من الإجرام المنظم والعابر للحدود بادر إلى سن القانون رقم 17.00 سنة 1402 المتعلق بمكافحة الإتجار بالبشر، وبهذا القانون يكون المشرع المغربي قد لحق بركب العديد من الدول التي وضعت قوانين تتصدى لظاهرة الاتجار بالبش ر والتي سايرت إلى هذا الحد او ذاك المجهود الدولي في هذا المجال والذي يترجمه إطار مرجعي حقوقي هام تمثله عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في الموضوع، والملاحظات والتوجيهات والتقارير الصادرة عن أجهزتها المتخصصة.

ولمواجهة هذه المعطيات، تضاعفت الإصلاحات والمبادرات لمحاولة مواجهة هذه الظاهرة المعقدة بأكبر قدر ممكن من الفعالية، وفي هذا السياق يأتي تنظيم هذه الندوة العلمية لبحث القضايا المتعلقة بالاتجار بالبشر في المغرب من خلال المحاور التالية:

المحور الأول : الإطا ر المفاهيمي لجريمة الاتجار بالبشر.

المحور الثاني: تجليات جريمة الاتجار بالبشر الدولية والإقليمية والوطنية.

المحور الثاني: آليات المواجهة والتصدي والوقاية من جريمة الاتجار بالبشر.

المحور الرابع: آليات التكفل والحماية لضحايا جريمة الاتجار بالبشر.