آخر الأخبار

تَضَارُب المَصَالِح، أو الجَمْع بين الثَّرْوَة والسُلْطَة – 2 – ‘

رحمان النوضة

لم يسبق في تاريخ المغرب أن سُمِـحَ لمالكي المقاولات أن يكون لهم مثل هذا التأثير على سياسات الدولة ! يَنْضَمُّ الآن بعض مالكي المقاولات الكبيرة إلى مناصب الوزراء الكبار. ويصبح بعض الرأسماليين، من بين أغنى أغنياء البلاد، وزراء، وبرلمانيين، ورؤساء “الجماعات المحلية أو الجهوية”، دون أن يُبَالُوا بِكَوْنِهِم في «حالات تَضَارُب المَصَالِـح». وإذا طالب أحد المواطنين باحترام حد أدنى من «الأخلاق» السياسية، يَصِفُـونه بكونه «مِثَالِيًّا»، أو «أَيْدِيُولُوجِيًا»، أو «عَدَمِيًّا».

وفي الواقع، لا يحتاج اليوم هؤلاء البنكيِّين الكبار، ومالكي المقاولات الكبيرة، إلى أن يَشْغَلُوا مناصب وزارية لكي يقدروا على التلاعب بسياسات الدولة لصالحهم الخاص. بل لديهم ما يكفي من الوسائل الخفية لِدَفْعِ الدولة إلى خدمة مصالحهم الخُصُوصِيَة. ولا تُوجد السلطة السياسية الفعَّالَة، القادرة على اتخاذ القرارات، في المكان الذي نَتَخَيَّلُه. حيث لا تُوجد هذه السلطة السياسية في الحكومة، ولا في البرلمان، ولا في رئاسة «الجماعات المحلية»، ولا في مؤسّـسات مُمَاثلة. والكثير من «القضايا» المهمة يتمُّ تَثْبِيتُهَا أو إِلْغَاؤُهَا من خلال علاقات سِرِّيَة. بِدُون مَحْضَر، وَلَا تـقرير. لَا عِين رَأَتْ، وَلَا أُذُن سَمِعَت.

وفي المغرب، نجد أن حالات «تضارب المصالح» لَا تَتَعَرَّضُ لِلمنع، وَلَا للنَّـقد، ولا لِلْعِقَاب. ولم يتم الحكم على أية حالة «تضارب في المصالح» أو قمعها. وَأَيُّ مسؤول في الدولة اِرْتَـكَب أخطاءً، أو مخالفات، أو جنايات، لَا يَتَعَرَّضُ لأي استجواب، وَلَا لِأَيَّة رقابة، ولا يخضع لأية مُحاكمة، ولا يصدر ضدّه أي حُكم عقابي، أو تَـقْوِيمِي. والثروات المَنْهُوبَة، أو المُسْتَوْلَى عليها بشكل مُنَافٍ للقانون، لَا تُحْجَز، وَلَا تُسْتَرَدُّ، وَلَا تُـعاد إلى المِلْك العُمُومِي. والجِهَاز القضائي الذي تُـفترض فيه قُدْرَة كافية على إنجاز هذه المحاسبة، ليس نزيها، وَلَا مُستـقلاً. والأسوأ من ذلك، أن النظام السياسي القائم يستخدم الجهاز القضائي كسلاح في «صراعه الطبقي» ضدّ المعارضين السياسيين، وضد الصحفيين الناقدين، وضد المناضلين النَّاشطين في حركات الاحتجاج الشعبية.

في هذا السياق، وعلى الرغم من إِدِّعَاء «التشاور الواسع مع جميع قِوَى الأمة»، فإن «النموذج الجديد لتنمية الاقتصاد الوطني»لا يمكن أن يكون إلا النموذج الذي يرغب فيه البَنْـكِيُّون الكبار، وَمَالِـكُو المقاولات الكبرى