آخر الأخبار

تنزيل الجيش للشوارع

تحرك من هذا القبيل لوحدات تنتمي الى اجهزة امنية وعسكرية مختلفة بانتظام وتنسيق يتطلب التوفر على دولة منظمة تتخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب لحماية مواطنيها في مواجهة الاخطار.
نعم لنا نواقصنا واختلالاتنا في مجالات متعددة ولها اليوم، كما الامس، اثر، لكننا نتاكد ان لنا دولة منظمة وقادرة على اتخاذ القرارات العقلانية وتنفيذها في الظروف الحرجة، وهذا مكتسب لايمكن ان يقدره الا من يجري مقارانات موضوعية سواء مع دول في محيطنا او في مختلف ارجاء المعمور. الغوغائي، والمتسرع والمتعود على اطلاق الكلام على عواهنه لايمكن ان يقدر الاهمية القصوى لهذا المكتسب في عالم اليوم بحضور الوباء من عدمه.
نزول هذه القوة المنظمة في هذه الظرفية ابعد ما يكون في تقديري، النابع من قراءة هادئة ومراعاة لكل معطيات الظرفية الاستثنائية، عن رغبة في القمع او ماشابه ذلك، بل الغرض منه طمانة المواطن الى ان الدولة تمتلك القدرة على استثباب الامن والحيلولة دون وقوع ما من شانه ان يجعل وباء كورونا يتحول الى جائحة كما حصل في بلدان تهاونت في البداية وجعلت مواطنيها يؤدون الثمن من حياتهم. انه اجراء شبيه، مع بعض الفوارق، ب”حذر” الغاية منه ثني اللامسؤول والمستهتر عن الحاق الادى بنفسه وغيره ، وطبيعي ان تكون هناك ضرورة لالزام البعض، ولو باللجوء الى القوة، للالتزام كما الاخرين بالضوابط التي اقرتها السلطات الصحية، وطبيعي ايضا في اجواء الضغط النفسي والخوف والتعب ان تحدث حوادث وحتى تجاوزات بعض الافراد، لكن ذلك لايدخل اطار قمع مخطط له، فالوقت ليس مناسبا لذلك والدولة لها اولويات اليوم وتسهر على تنفيذها بالوسائل المتاحة باقتدار، رغم النواقص التي لامفر منها في هذه الظروف.
لنحذر الجهل الذي يروج له البعض، من امثال ابو الجحيم واشباهه ممن لاعلاقة لهم بالسلفية، والمؤثر فيما يبدو على جمهور يستهين بالخطر المحدق به وبالمغاربة جميعا، ولنحذر ايضا المزاجية والتصرفات المنفعلة اللاعقلانية والمطالبة بالمستحيل في هذه الظروف التي تستدعي التضامن والمسؤولية المشتركة ومساندة الدولة لتقوم بالدور المنوط بها لحماية مواطنيها. هذا هو المطلوب اليوم، وبعد نهاية الازمة سنكون على موعد لمناقشة عميقة لما يجب اصلاحه وتغييره، لان ما بعد الازمة لايمكن ان يكون شبيها بما قبلها ولا يمكن لاحد ان يقبل باستمرار ما ليس صالحا لتقدم بلادنا ولمعالجة مشاكلها ذات الاولوية، والازمات اذ تكشف العيوب والنواقص على مستوى الدولة والمجتمع معا، فانها تكون ايضا فرصة لاستشراف واستكشاف افاق تجاوزها. بعد الازمة ستعود السياسة بقوة كما عادت الدولة بقوة في الازمة، وانذاك سيكون المجال مفتوحا للنقاش والجدل وحتى النزاع حول البرامج والسياسات العمومية وسنمر من الجزئي الى الماكرو سياسي الذي تم اضعافه، وسنكون في حاجة لقوى سياسية لتجاوز وهم المجتمع المدني كما رسخته النيوليبرالية وغذته بالمال والاستقطاب الخارجي عندنا وبناء مجتمع مدني جديد ليس من غاياته التركيز بشكل مبالغ فيه وايديولوجي على الفرد المختزل .

محمد نجيب كومينة /  الرباط