آخر الأخبار

اولياء في شعر الملحون: مولاي عبد القادر الجيلاني

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون (ديوان عبد القادر بوخريص المخطوط): مولاي عبد القادر الجيلاني.

سعيد فلفل

مولاي عبد القادر الجيلاني ، سلطان الصالحين أو سلطان الأولياء، شيخ الإسلام، تاج العارفين، سيد الطوائف أو كما يلقبونه اتباعه ” باز الله الأشهب”. هي ألقاب كثيرة أطلقت على هذا القطب الصوفي الذي طبقت شهرته الآفاق و ذاع صيته في مشارق الأرض و مغاربها. مولاي عبد القادر الجيلاني قد يكون الولي الصالح الوحيد – المشرقي- الذي سكن وجدان المغاربة. بالرغم من كون الجيلاني لم تتطأ قدمه تراب المغرب إلا أن له آلاف الأتباع الذين ينتسبون للزاوية التي أسسها و هي الزاوية القادرية. من فرط حب المغاربة لهذا القطب الرباني أن أطلقوا عليه اسما مغربيا صرفا “الجيلالي” عوض “الجيلاني”. يحضر إسم الجيلالي بقوة في العديد من الأهازيج و المرددات الشعبية المغربية. كنا و لازلنا نسمع عبارات من قبيل : ” الجيلالي بوعلام….. مولا بغداد”، الجيلالي داوي حالي، العار على ولاد رسول الله “،” هذا جلول ولد خيرة ” نسبة إلى أمه أم الخير وغير هذه المرددات كثير. في مراكش هناك من عامة الناس من يخلط بين مولاي عبد القادر الجيلاني دفين بغداد و مولاي عبد القادر دفين حومة درب ضباشي ، إذ هناك في هذه الحومة درب يسمى درب مولاي عبد القادر.
إسوة بباقي الأولياء ، خص الشاعر عبد القادر بوخريص القطب الصوفي مولاي عبد القادر الجيلاني بقصيدة يمدح فيها خصاله النبيلة و أخلاقه الكريمة و جاهه المعظم. يقول في حربة هذه القصيدة :
” ضيف الله يا عنايتي يا ولد أم الخير ** غير عليا غير يا مولاي عبد القادر.”
وهي قصيدة من البحر المبيت الثنائي.
في القسم الرابع من القصيدة يصف بوخريص شمائل هذا الغوث و كيف وهبه الله العديد من الشيم وكيف نور بصيرته. يقول بوخريص :
” وٓدّكْ مولاك بالنصر و العز و توقير ** و الهيبة و التعظيم و السيادة في كل مْحاضر.
عالم والي شريف زاهد ذو فرع كبير ** عوضك ما فات ولا يفوت خبرك في كل ظواهر.
تنده بيك الاْسلام جملة من دير لدير ** و الديلم و الحبش و العجم و المومن و الكافر.”
وفي القسم الثالث يصف كيف عجز الشعراء و الكتاب عن وصف سيرة العارف بالله مولاي عبد القادر الجيلاني.
” يعجز فواصف سيرتك كعب بن زهير ** و ابن هاني والليث عنترا و جميع اللي شاعر.
و الفرزدق و الصَّماعي واهل التفسير ** و المهلب و قيس والحْريري فشغالُه ماهر
و همَْام الذكي مع النابعة و جرير ** و سحبان و غيلان و العراقي ما مثلُه شاطر.”
الجيلاني هو محيي الدين عبد القادر بن موسى بن عبد الله. يعود نسبه من جهة الأب إلى الحسن بن علي بن أبي طالب. أمه هي أم الخير فاطمة بنت الشيخ عبدالله الصومعي. عبد القادر الجيلاني حسني من جهة الأب، حسيني من جهة الأم.
ولد الإمام عبد القادر الجيلاني عام 470ه / 1077م. و قد اختلفت الروايات حول مكان ولادته. هناك من يشير إلى أن مسقط رأسه هو منطقة جيلان قرب بحر قزوين شمالي إيران، و هناك من يرى أنه رأى النور بمنطقة جيلان العراقية، وهي قرية تقع بالمدائن قرب بغداد على شاطئ نهر دجلة. و هي الرواية الأكثر ترجيحا.
نشأ عبد القادر في بيت علم و زهد و صلاح من جهة الأب و الأم معا.
بعد أن نال الجيلاني قسطا من العلوم الدينية على يد أفراد أسرته، رحل إلى بغداد سنة 488. و كانت بغداد منارة مشعة للعلم و المعرفة يقصدها كل طلاب العلم من كل حدب و صوب و يؤمها العديد من الفقهاء و العلماء. كان أول من تتلمذ على يدهم من فقهاء بغداد الشيخ أبو سعيد المُخَرِمي. التقى عبد القادر الجيلاني و هو في بغداد بالشيخ الجليل أبي حامد الغزالي و تأثر به تأثرا شديدا.
برع الشيخ الجيلاني في علوم الحديث و الفقه و اللغة و الأدب حتى بلغ شأوا عظيما بوأه مرتبة التفوق على أقرانه و أهل زمانه.
رسم الشيخ الجيلاني منهجا متكاملا للتصوف يجمع بين الشريعة ( كتاب الله وسنة رسوله) و بين التطبيق العملي لها. من أقواله في هذا الصدد : ” التصوف هو الصدق مع الحق و حسن الخُلق مع الخلْق و تقوى الله و طاعته و لزوم ظاهر الشرع و سلامة الصدر و سخاء النفس و بشاشة الوجه و بذل الندى و كف الأذى و تحمل الأذى و الفقر و حفظ حرمات المشايخ……….”.
و يقوم التصوف من وجهة الغوث الإمام الجيلاني على عدة أسس، أهمها :
السخاء و الرضا و الصبر و الإشارة و السياحة و الإصطفاء و الفقر.
ألف الشيخ الجيلاني العديد من الكتب، أهمها:
*الغنية لطالب طريق الحق.

*الفتح الرباني و الفيض الرحماني.
* تفسير الجيلاني
* جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر
* فتوح الغيب
* إغاثة العارفين و غاية الواصلين
* آداب السلوك و التوصل إلى منازل السلوك
* أوراد الجيلاني
توفي الإمام عبد القادر الجيلاني عن عمر بلغ التسعين ليلة السبت العاشر من ربيع الثاني سنة 561 ه / 1168م و شيعه خلق كثير. دفن في رواق مدرسته بغداد.