آخر الأخبار

اولياء الله الصالحين في شعر الملحون – 2 –

سعيد عفلفل

يقول الفقيه عبد القادر بوخريص في حربة القصيدة التي نظمها في مدح سيدي يوسف بن علي. ( وهي على قياس قصيدة الهاجر لادريس بن علي السناني) :

” ضيف الله يا ضيا نجالي * يا نيل الجود و النجادا سيدي يوسف * غير عليا يا بن علي فْمرَّا* و عطف لي بالقبول عوريط الهادي طه.”
في هذه القصيدة يذكر بوخريص مناقب الولي الصالح سيدي يوسف بن علي و يركز على جوده و عطفه وإغاثته لكل من لجأ اليه. ويذكر أن كرامات الولي ما هي إلا عطية من عطايا الله. لا يلجأ الناس للتبرك بالولي إلا لأنه يعرفون أنه يتصف بصفات حميدة وأن في خدمة الناس من أجل قضاء حاجتهم. وهكذا نجد في القسم الأول.:
# داوني بالدوا سخا لي * ندريك طبيب يالقطب شريف مشرف * من زاگ فحرمك دون شك يبرا * وانا فحماك زگت داوي ذاتي من داها
# ودّْك الغني بجاه عالي * و الحكمة و الحكام و القدرة تتصرف * تهداو بثناك اهل الصفا و الكبرا * فالشرق و غرب و الصحاري و عريب و طاها.
# بحرك بين البحور مالي * باسرار العلم و الولايا شلا نوصف * من رام وصيدك ما يشوف كشرا * و جميع من وطا مقامك روحو هناها
# تتفاخر بيك الموالي * لنّْك سلطان بالنصر ر تكرم و تردّف * و تفك اللي مثلي فضيق حصرا * فزتي بالعز و العنايا وانت مولاها
# غارا لله يالوالي * غير عليا و جود لي و غيثني حملي يتفّف * نشرب من كاسك فالحياة خمرا * و نفايش بيك عن حسوي و نزيد نْباها. ”
تعود أصول سيدي يوسف بن علي الصنهاجي إلى اليمن و هو أحد أقطاب الزهد و الصلاح بمراكش. ولد وعاش و توفي بمراكش. يعرف لدى العامة ب” مول الغار”. أصيب سيدي يوسف بن علي بالجذام في شبابه و هو الأمر الذي جعل أهله يتخلون عنه مخافة من العدوى. رحل عنهم و التجأ إلى غار خارج سور المدينة قرب باب اغمات شرق المدينة. مكث هناك من أجل التعبد. كانت هذه المنطقة تسمى حارة الجدمى و تسمى أيضا رابطة الغار. هذا الغار (أو كما يسميه السكان المحليون ” الخلوة”) لازال م جودا إلى يومنا هذا في ضريح الولي سيدي يوسف بن علي. أظهر سيدي يوسف بن علي رضى و قبولا و صبرا على ابتلائه حتى شُبه بنبي الله أيوب. كان لموقفه هذا أثرا كبيراً في نفوس عامة الناس الذين رفعوا مقامه و قدره عاليا واعتبروه من الصلاح التقاة و من أقطاب الصوفية و أعمدة الورع و التقوى في المغرب. وكان يدعى ب “المبتلى”. يقول يوسف بن يخيى الزيات التادلي في كتابه ” التشوف إلى معرفة رجال التصوف” عن سيدي يوسف بن علي : ” كان تلميذ الشيخ أبي عصفور. كان بحارة الجدماء ، قبلي حضرة مراكش و بها مات في شهر رجب عام 593 ه، و دفن خارج باب اغمات عند رابطة الغار… و احتفل الناس لجنازته وكان كثير الشأن، فاضلا زرته مرات و رزقني الله منه محبة و مودة، و كان صابرا راضيا، سقط بعض جسده في بعض الأوقات فصنع طعاما كثيراً للفقراء شكراً لله تعالى على ذلك “. ( التشوف ص 312.) لما توفي سيدي يوسف بن علي دفن إلى جانب شيخه أبي عصفور يعلى الأجذم.
قد يتبادر إلى الذهن أن عزلة سيدي يوسف بن علي خارج السور بحارة الجذمى يُفهم منه أنه كان منبوذا هو و باقي المرضى لكن الواقع غير ذلك لأن وجود مثل هذه الحارات الخاصة بالجذمى كان ضمن مشروع صحي متكامل عمل الموحدون على إحداثه و تطويره في كل الحواضر المغربية. يرمي المشروع إلى العناية بالمرضى و توفير سبل العلاج و الرعاية لهم. وقد وصف الحسن الوزان ( ليون الأفريقي) في كتابه وصف أفريقيا إحدى هذه الحارات على العهد السعدي، وقال بأنها كانت تخضع لتنظيم دقيق. في عهد الدولة السعدية تم تحويل جارة الجذمى من باب اغمات إلى باب دكالة في المكان الذي يحمل الآن إسم الحارة.
لم تصلنا من المصادر معلومات كافية عن حياة سيدي يوسف بن علي العلمية إذ ركزت المصادر أكثر على ابتلاء الولي الصالح بداء الجذام و بركاته.
قصيدة سيدي يوسف بن علي
الحربة:
ضِيفْ الله يا اضْـيا انْـجالي * يٓا نٓـيْـلْ الجودْ وٓ النْـجادا سيدي يوسف
غيرْ اعْلِيٓا يٓا بٓنْ اعْلِي افْمٓرٓا * وٓعْطٓفْ لي بٓالْقْبولْ عوريطْ الْهادي طٓـهٓ
قسم
دٓوِينِي بٓالدْوٓا اسْخالي * نٓدْرِيكْ اطْبيبْ يا الْقُطْبْ اشْريفْ امْشٓرّفْ
مٓنْ زٓاݣْ افْحُرْمٓكْ دونْ شٓكْ يٓـبْـرا * وٓآنا فٓحْماكْ زٓݣْــتْ داوي داتي مٓنْ داها
وٓدّكْ الٓغْنِي ابْجاهْ عالي * وٓ الْحٓكْمٓة وٓ الحْكامْ وٓ القُدْرٓة تٓتْصٓرّفْ
تٓهْدُ بٓثْناكْ اهٓلْ الصْفٓا وٓ الكُبْرٓا * فٓالشّرْقْ اوْ غٓرْبْ وٓ السْحاري وٓعْريبْ اوْطاها
بٓحْرٓكْ بينْ الْبْحورْ مالي * بٓاسْرارْ الْعٓلْم وٓ الْوْلٓايٓا شٓلٓا نٓوْصٓفْ
مٓنْ رٓامْ اوْصيدٓكْ ما يْشوفْ كٓشْرٓا * وٓجْميعْ الّي اوْطا امْقامْكْ روحو هـنّاها
تٓتْـفاخٓرْ بيكْ الْمْوالي * لٓنّكْ سٓلْطانْ بٓالنْصٓرْ تٓكْرٓمْ وٓ اتْرٓدّفْ
وٓتْفُكْ الِّي مٓثْلي افْضيقْ حٓصْرٓا * فٓزْتي بٓالْعٓزْ وٓ الْعْنايا وٓ آنْتٓ مولٓاها
غارٓا للهْ يا الْوالي * غيرْ اعْلِيٓا اوْجودْ لي حٓمْلي يٓتْفّفْ
نٓشْرٓبْ من كاسٓكْ فٓآلْحْياتْ خٓمْرٓ * وٓنْـفايٓشْ بيكْ عٓنْ احْسودي وٓنْزيدْ انْـباها
القسم
عالٓجْ ضٓري ايروقْ حالي * وٓعْنا بِـيا افْما اطْلٓبْتٓكْ سٓعْدي يٓوْقٓفْ
بينْ الْمُلوكْ الْحاكْما اوّٓزْرٓا * يٓكْمٓلْ قٓصْدي اوْنِيْتِي فٓآلِّي كٓنٓهْواهٓا
نٓصْبٓحْ بينْ الْسْيادْ سالي * فٓاوْطٓا مٓكٓة الْباهْيا نٓوْقٓفْ وٓ انْعٓرّٓفْ
وٓنْزورْ احْمٓدْ بو لٓالٓة الزّهْرٓة * وٓنْجاوٓرْ الْبْقيعْ وٓ الرُّوضٓة ما نٓخْطاهٓا
يٓسْعٓدْ مٓنْ كُلْ جيهْ فٓالي * وٓعْلِـيٓا مٓنْ اهْويتْ حُسْنْ اجْمالُ يٓعْطٓفْ
نٓغْنٓمْ فٓرْحي بٓسْرورْ كُلْ حٓضْرٓا * وٓنْحوزْ الْفٓرْحْ وٓالدْخايٓرْ وٓكْمالْ امْناها
تٓذْهٓبْ بٓعْدْ الشْقٓا اهْوالي * بٓابْرٓكْتٓكْ ما نْرٓا اكْدارْ اوْلٓا نٓـتْـشٓغّٓفْ
يٓضْحاوْ اغْصاني بٓالْقْبولْ خٓضْرٓا * وٓطْياري راقْسٓ ازْهِيا تٓلْغِ بٓالْغاها
يٓقْوٓى رٓبْحي افْمٓا انْوالي * وٓيْلٓدْ الْعٓيْشْ بٓالزهو مٓنْ كيسي نٓصْرٓفْ
تٓكْفيني فٓبْديعْ الْجْمالْ نٓظْرٓا * ما نٓتْعٓدّا احْدودْ تٓهْمٓدْ نٓفْسي وٓهْواها
القسم
تاهْ اخْبيري اوْطاشْ بالي * ما بينْ امْواجْ الْوٓقْتْ تٓانْقٓدّفْ
وٓقْوٓا عٓني تٓعْبي ابْغيرْ فٓتْرٓا * وٓطْلٓبْتْ اللهْ بيكْ تٓقْضٓا الْحاجا بٓغْناها
ضاعْ اشْبابي اوْضاعْ مالي * لٓكِنْ رٓبي اكْريمْ غاني عٓني يٓخْلٓفْ
بٓبْرٓكْتٓكْ يٓنْصٓرْني افْكُلْ كٓسْرٓا * وٓعْدٓايٓا بٓالْجْميعْ تٓفْنٓا مٓنْ شومْ الْضاها
يٓصْبٓحْ ديوانْهُمْ خالي * وٓالْغاتٓبْني ايْدا جْرٓا يٓهْوٓا وٓيْنٓقْدٓفْ
لو رامْ الْحيلٓة ما ايصيبْ قُدْرٓا * نٓعْصٓرْ زٓنْجارْ في اعْيونْ الْقومْ الشّواها
وٓالْوٓغْضْ الِّي ابْغٓا ايْشالي * دٓمو بٓحْسامْ مٓعْنْتي يٓهْطٓلْ يٓنْسْكٓفْ
وٓيْوٓلي واهٓنْ لٓلْعْيونْ عٓبْرٓا * لٓوْ طالْ الضّرْ بيهْ عٓيْنُو تٓبْشٓرْ بٓعْماها
يٓبْقٓى بينْ الْعْبادْ تالي * مٓيْسورْ النّفْسْ عٓنْ اطْريقْ الْجٓدْ ايْنٓتْلٓفْ
وٓيْغٓمْروهْ الِّي وٓلْفو الْغٓدْرا * يٓنْشٓفْ نٓهْرو اسْريعْ وٓدْواحُ تٓفْقٓدْ ماها
القسم
مٓا صٓبْتْ افْذٓ الزْمانْ والي * وٓمْدٓحْتْ اشْحالْ مٓنْ اسْيادْ آلِّي ما نٓعْرٓفْ
وٓ آلِّي نٓعْرٓفْ خٓلّاني افْغُمْرٓا * نٓتْشٓوّٓا عٓنْ اجْمارْ نارْ امْحاني وٓ الْضاها
ما نٓفْعٓتْ فٓالْقْضا احْيالي * وٓآنٓا حالي اضْعيفْ وٓ ابْلٓعْيالْ المْكٓلّٓفْ
وٓ الْقابٓضْ فٓاللهْ ما ايْشوفْ قٓهْرٓا * الٓمْسٓنّدْ ما ايْطيحْ تٓحْميهْ ابْطالْ احْماها
وٓآنٓا سٓيّٓـبْتْ عٓنْ ابْطالي * حٓمْلي وٓنْويتْ بٓالْحْضا بيهُمْ نٓتْكٓلّفْ
وٓعْليهُمْ امْرٓدّٓفْ كيفْ يٓجْرٓا * حٓتّى نٓفْقٓدْ سٓرْهُمْ وٓ الْحُرْما وٓدْواها
مٓاقْبٓحْ يا سيدنا افْعالي * مٓنْ كيدْ النّفْسْ وٓ اللْعينْ اعْيِيتْ انْحٓرّفْ
وٓ الْوٓعْدْ ارْماني كلْ يومْ عٓتْرٓا * وٓعْدولي شاهْدٓا عْلِـيٓا بٓآمٓرْ مولاها
وٓآنا خايٓفْ مٓنْ افْعالي * وٓهْرٓبْتْ الْحُرْمٓكْ السْعيدْ ابْوٓدّكْ نٓرْشٓفْ
كاسْ التّطْهيرْ اعْطيرْ مٓنْ الْفٓجْرٓا * يٓسْري فٓصْميمْ ساكْني وٓحْجايا وٓعْضاها
القسم
يا راوي جولْ في اقْوالي * وٓشْرٓحْ نٓظْمي اوْبٓيْنُ بالٓكْ لٓا تٓسْرٓفْ
خوذْ الْياقوتْ آللّا اشْفاهْ كٓسْرٓا * مٓنْ لٓا حازو اوْشاهْدو باقي كٓايٓتْلٓاها
شُغْلي اعْلٓى الْوْشاتْ غالي * مٓنْ فٓضْلْ اللهْ وٓ النْبي مٓحْسونْ امْنٓضّٓفْ
وٓآسْمي واضٓحْ لٓهْلْ الْغٓى اوْشعْرٓا * عٓبْدْ الْقادٓرْ بوخْريصْ الْمٓعْلومْ اسْطاها
بٓآصْحابْ الْغٓلْ ما انْبالي * وٓآهْلْ التّسْليمْ فٓالْحْيا بيهمْ انْعٓرّفْ
وٓسْلٓامي ليهم بٓالدْوامْ نٓقْرٓا * ما فاحْ الْوٓرْدْ وٓ الزْهٓرْ فٓحْدايٓقْ مٓعْناها
وٓنْسيمْ الطّيبْ وٓ الْغْوالي * وٓ الْعٓنبٓرْ وٓ الْعْبيرْ لٓلِّي يٓسْتٓنْصٓفْ
ما نٓعْبا في احْياتي ابْقومْ فٓجْرا * طٓبْعي سالي ارْقيقْ وٓ الْغٓتْبا ما نٓرْضاها
تٓدْريني فٓالْوْرٓى ارْجالي * قٓلْبي صافي اسْليمْ وٓ الْكٓدّٓابْ ايْنٓكْشٓفْ
مٓنْ صُغْري قاري كُنْتْ فٓي الْمْحٓضْرٓا * نٓحْصٓرْ ضٓرْبْ الْمْثالْ وٓمْواهٓبْها حٓزْناها
تمت
ضِيفْ الله يا اضْـيا انْـجالي * يٓا نٓـيْـلْ الجودْ وٓ النْـجادا سيدي يوسف
غيرْ اعْلِيٓا يٓا بٓنْ اعْلِي افْمٓرٓا * وٓعْطٓفْ لي بٓالْقْبولْ عوريطْ الْهادي طٓـهٓ
29/3/2022 رقنها العباري من ديوان الشيخ بوخريص الذي كتبه بخط يده .