آخر الأخبار

الوعي الديمقراطي لإعادة الثقة في اليسار

محمد نجيب كومينة

كنت من مساندي الثورة الساندينية بقيادة اورتيغا في ثمانينات القرن الماضي وكتبت عنها في جريدة انوال كثيرا، و لذلك لا يسعني اليوم سوى ان ادين هذا النظام الاستبدادي العائلي المتخلف الذي فرضه اورتيغا ونصب نفسه على راسه كرئيس ابدي بعدما عاد الى الحكم بالانتخابات. في كثير من البلدان تحول يساريون الى مستبدين قهروا شعوبهم وفتحوا ابواب المعتقلات والسجون ليدخلها معارضوهم، بمن فيهم رفاق سابقون رفضوا الاستبداد، و رفضوا اللعبة الديمقراطية والتداول على الحكم من منطلق اعتقادهم انهم على حق وغيرهم على باطل وانهم وحدهم الاخيار وغيرهم اشرار، وهذا ما يجعل مسالة الوعي الديمقراطي مسالة غاية في الاهمية لاعادة الثقة في اليسار وجعل قواه، المهددة اليوم بالانقراض في اكثر من مكان، تبني نفسها على اسس جديدة ايديولوجيا وتنظيميا وسياسيا باخذ العبرة ليس فقط من الاتحاد السوفياتي السابق الذي شاخ سريعا وسقط بسبب ازماته الداخلية وعجزه عن الاصلاح اكثر من الضربات الخارجية، ومن الانظمة التي فرض فيها اشخاص انفسهم الهة ابديين بقوة القمع و مصادرة كل الحقوق و جعلوا الفشل في ميدان التنمية عنوان تجاربهم، ومن هذه الانظمة العديد من الانظمة العربية التي يستحيل على من يحلل بموضوعية و بالاحتكام الى مناهج علمية ان يعلق فشلها وقمعها و حتى جنونها على الامبريالية والصهيونية وغير ذلك.
رئيس نيكاراغوا و الى جانبه رئيس فنزويلا، الغنية جدا والمتوفرة على اكبر احتياطي من البترول عالميا، يجب ان يتصدى اليساريون المنفتحون على العالم كما تطور، وتطورت في اطاره الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لنقدهما ولنقد التجارب الشبيهة وبلورة افق جديد للفكر الاشتراكي، يستوعب بطبيعة الحال التجارب الاشتراكية الديمقراطية التي ساهمت في تطوير المماارسة الديمقراطية و توجد اليوم في وضع صعب نتيجة التطبيع مع النيوليبرالية،. ذلك انه بدون هذا الافق الجديد سيفقد اليسار نهائيا القدرة على مقاومة تغول الراسمالية وتوحشها، في ظل قدرتها الدائمة على التجدد و الهدم والبناء حسب تعبير شومبيتر، وعلى تقديم نموذج بديل يثاق فيه و لا تترتب على تطبيقه خيبات وردات فعل من قبيل تلك التي شهدناها في اوروبا الشرقية والوسطى بعد انهيار جدار برلين، حيث خرجت المافيات والنازية من رحم مفروض انه ليس الرحم الاصلي لها.