آخر الأخبار

 الكوفيد  و الحرب  و الدولار  و اليوهان  و الروبل و الطاقة

 ادريس الاندلسي

اشفق كثيرا على الشباب  و اليافعين الذين يعيشون إلى جانبنا أزمة كبيرة جمعت بين الأخطار الصحية والأخطار الإقتصادية  و المالية  و بالطبع العسكرية. صغارا كنا نعيش في كثير من الارتياح الأمني  و الصحي.  دخلنا إلى مدارس “سعيدة ” و كانت احياؤنا مليئة بالمستوصفات.  كان العيد لحظة فرح  و العطلات المدرسية فرص لتعلم الرسم  و الموسيقى  و التعبير المسرحي.  طفل اليوم يعبر بكثير من العفوية  و شيء من الوعي عن كافة الأزمات التي تراكمت  و غطت على أحلامنا  و افراحنا  و اطراحنا منذ ما يزيد على السنتين.  كثيرة هي الأسر التى انقلبت أوضاعها و عصفت بها الأزمات إلى الهشاشة. بلادنا واجهت الأزمة بعزم  و بما توفر لديها من إمكانيات لحماية المواطنين أمام عواصف تسبب فيها الكوفيد  و زادهتها قوة مدمرة أسواق عالمية مشتعلة دمرت قدرة الكثيرين على شراء الغذاء  و المواد الطاقية. 

تجري حرب مدمرة على الصعيد العالمي  و لا تستهدف بلدا دون آخر. لا زال جلنا لم بستفق من هول أزمة لا تكاد تعطي إشارات إيجابية حتى تشتعل من جديد. من أفغانستان، حيث لا  زال أنصار الظلام يعادون تعليم المرأة،  إلى أوكرانيا حيث عادت الحرب بين شرق  و غرب.  الحروب الكلامية لا تدع مجالا لاستجلاء الحقيقة. سعر العملات يدخل مرحلة الزلازل المؤدية إلى أكبر معدلات التضخم في الكثير من  الدول.  القمح  و الغاز  و البترول  يرفعون الراية الحمراء في ظل وضع عالمي لا يأبه فيه ذو سلطة عالمية بالتهديدات النووية التي يجمع الكل أنها ستنهي وجود الإنسان على الأرض. الغرب يظل حبيس القرن التاسع عشر  و لن يتراجع عن مباديء بررت الاستعمار بإسم واجب إدخال الحضارة إلى قارات خارج أوروبا.  الغرب لا يرتاح إلا إذا استجاب العالم لتلبية حاجياته . صنع مؤسسات تشبه ما لديه و  لا تتجرأ على الخوض في ميزان تجاري أو استثمارات وطنية أو مطالبة بمفاوضات على أساس “رابح-رابح “. إذا استرجعت أفريقيا إمكانية حقها في  تثمين مواردها فسيفلس الغرب  و كافة مؤسساته التي تحث على الانفتاح على السوق  و التي تذكي نار الفتن القبلية حيثما  و جدت مصادر الطاقة الاحفورية  و المعادن التي تغذي الصناعات في هذا الغرب. 

الأزمات الحالية قد تزيد حدة  و لكن أثرها الكبير سيكون على الغرب الأوروبي أن يتحمله. الكل يرى أن دول الإتحاد الأوروبي تعيش حالة من التذبذب في ردود أفعالها  و انتظار ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة.  أوروبا على محك صعب  و نسيت أن أمريكا لم تتدخل في المرحلة النهائية للحرب العالمية الثانية إلا بعدما قام الإتحاد السوفياتي بهزم القوات النازية  و لم يتبق منها إلا أجنحة دون قوة ذات قدرات حقيقية.  ألمانيا التي توجد في  وسط الأزمة  وعت بضرورة إعادة بناء جيش قد يغنيها بعد عقود عن قرار عسكري أمريكي له آلياته  و سلطة توقيت تدخلاته  و لو بعد هجوم على حلفاء  لا طاقة لهم  على مواجهة روسيا أو  ربما في مستقبل قريب قوى من آسيا.  سوق الطاقة  تحدد جزءا من قواعد اللعبة  في أوروبا  و قد تحدد شبكة تحالفات الغد بعيدا عن القارة العجوز و قد تزعزع خطوط الخارطة الجيوسياسية لتدفع باليابان  وكوريا  و كل الفهود الآسيوية إلى عالم شرقي قد يستغني عن الغرب  و أسواقه المالية  و عملاته و أنظمة المعلوماتية بما في ذلك كبارالفاعلين في شبكات التواصل الإجتماعي.  

إننا في مقترق الطرق  و على مسافة قريبة من خلق  واقع جديد.  كل الفاعلين الأساسيين يمتلكون  وساءل السيطرة على العالم  و على تدمير شبكات الطرق  و الأسواق و البيئة  و إغلاق الأبواب على الإنسانية لتصور غد جديد. منذ عقود افلس نظام الأمم المتحدة  و تزايدت خطورة الحروب  و تعاظمت القدرة التدميرية للصناعات العسكرية  وتفاقمت عجوزات الاقتصادات في ظل أسواق مالية لا علاقة لها بالاقتصاد الواقعي  و ازدادت الفوارق الإجتماعية بين الدول  و الفءات الإجتماعية. لكل هذا لا يمكن الخروج من عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية إلا باللجوء إلى توافقات تعيد القرار إلى كل البلدان  و الشعوب التي لا تجد مكانا في هذا  العالم.  وعلى هذا الغرب أن يقرأ خارطة العالم بشيء من الواقعية  و التواضع.  و الأكيد أن الأمور لن ترجع إلى سابق عهدها.