آخر الأخبار

الأزمة السياسية بين المغرب و اسبانيا

بلغت الأزمة السياسية و الدبلوماسية بين المغرب و إسبانيا مستويات عليا من التأزم الحاد التي انطلقت شرارتها الأولى باستقبال حكومة “بيدرو سانشس” لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية يوم 18 أبريل بطريقة سرية و بجواز سفر و اسم مزورين، لتأخذ فيما بعد، عند عبور آلاف المهاجرين المغاربة ضمنهم القاصرين سباحة إلى مدينة سبة المحتلة، أبعادا أخرى من التوتر أصبح معها الموقف المغربي من الأزمة أكثر وضوحا على اعتبار أن المسألة بالنسبة له تتجاوز حالة الزعيم الانفصالي التي قالت الحكومة الاسبانية أن استقباله لتلقيه العلاجات الضرورية من فيروس “كورونا” تم ل “اعتبارات إنسانية” و بأنها مرتبطة بقضية الصحراء المغربية.

الزعيم الانفصالي غادر إسبانيا بطريقة كاريكاتورية في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن ضحاياه من انتهاكاته للقانون الدولي رفعوا عليه دعاوى تتهمه بممارسته لعدة أعمال إجرامية بما فيها الإرهاب و الاغتصاب و التعذيب… و مع ذلك، قام القاضي المكلف بالتحقيق معه، من إخلاء سبيله رافضا تقييد حركة تنقله أو سحب جواز سفره أو سجنه مؤقتا لحين الانتهاء من  تحقيق معمق قد يفضي إلى الكشف عن كافة الجرائم الإرهابية بما فيها تلك التي مورست على ضحايا إسبان بالجزر الكناري التي كتبت عنها الصحف الإسبانية خلال حكومة “لويس سباثيرو” التي وعدت بمتابعة كل مسؤولي البوليساريو عن جرائمهم الإرهابية بمن فيهم إبراهيم غالي، علما أن  نفس الوعد جاء على لسان ملك إسبانيا الحالي، فيليبي السادس، عندما سبق له أن استقبل رئيسة جمعية الضحايا الإسبان “لوسيا خيمينس” رفقة الضحايا و التي بالمناسبة كان والدها أحد ضحايا الزعيم الانفصالي.

الآن بعد أن أصبح الزعيم الانفصالي في حل من أي متابعة قضائية، وضحاياه من انتهاكاته بدون إنصاف و عدل، فما السبيل إذن، لحلحلة الأزمة بين المغرب و إسبانيا لتعود إلى سابق عهدها؟

ارتباطا بهذا السؤال، أفادت، اليوم، صحيفة “آلباييس” أن الحكومة الإسبانية تدرس إمكانية القيام ببادرة انفراج ضمن بدائل أخرى كأن تتم زيارة المغرب من أحد وزرائها أو مكالمة هاتفية من الملك الإسباني، “فيليبي السادس”، إلى ملك المغرب محمد السادس، بغية منع المزيد من حالة التوتر.

و بالنسبة للصحيفة الإسبانية، فإن وضع العلاقة الحالي بين البلدين خطير جدا، و أن  أي حادثة غير ضارة أو مصادفة يمكن أن يساء تفسيرها وتؤدي إلى تفاقم الأزمة، مشيرة إلى أن المغرب لم يتخذ أي خطوة جديدة في التصعيد مثل طرد السفير الإسباني بالرباط أو تعليق التعاون الأمني و المخابراتي ، لكنه يصم آذانه عن دعوات مدريد لمواجهة المشاكل التي لا تسمح بالتأخير: بينها ألف طفل وحوالي 500 شخص بالغ دخلوا سبتة بشكل غير “قانوني”؛ أو 12600 عامل موسمي مغربي انتهوا من جني الفراولة ولا يمكنهم العودة إلى ديارهم؛ بينما لم يوضح المغرب بعد إن كان سيسمح بأكبر حركة مرور للأشخاص و المركبات عبر مضيق جبل طارق لصيف هدا العام أم سيعلقها كما فعل في العام الماضي. و أكدت “آلباييس” أن أولوية الحكومة الإسبانية هي العودة إلى علاقات طبيعية مع المغرب في أقرب وقت ممكن، لذلك تدرس القيام بإيماءة من شأنها أن تساعد السلطات المغربية على طي الصفحة، موضحة أنه كان لدى مدريد بالفعل بادرة أولى عندما أبلغت الرباط برحيل غالي، بالإضافة إلى الرد على تحذيرات المغرب ، الذي قال إن المغادرة السرية لزعيم البوليساريو من شأنها أن تلحق المزيد من الضرر بالعلاقة الثنائية، حيث أقرت ضمنيًا أنه كان من الخطأ عدم إخطار البلد المجاور عندما تم إدخاله إلى المستشفى في مدينة “لوغرونيو” يوم 18 أبريل. لكن هذه البادرة لن تكون كافية ، بالنظر إلى البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية المغربية يوم الإثنين الماضي، إذ سبق للرباط أن حذرت حينها من أن مثول غالي أمام قاضي المحكمة الوطنية “سانتياغو بيدراس”، الذي تمت مساءلته دون فرض أي إجراءات احترازية و تقييدية على حريته ، سيكون شرطًا ضروريًا ولكنه غير كافٍ لإنهاء الأزمة.