آخر الأخبار

اعتذار راقي من الساموراي

إدريس المغلشي

دعونا نتفق ان الرياضة وعلى وجه الخصوص كرة القدم بالنظر لجماهريتها شكلت احدى الواجهات الاساسية للتعريف بالشعوب وسلوكها في جل اطوار المنافسات بل ان الجماهير من مختلف الديانات والاعراق ترقب بشكل دقيق تفاعل الآخر القادم من منطقة قد لا نعرف موقعها الجغرافي وبالتالي نحتاج قبل كل شيء طرح سؤال مهم. هل تستحضر الجماهير مسؤوليتها امام الاحداث والصور التي تقدمها للشعوب الأخرى وهل هناك تأطير في الموضوع ؟
تأسيسا على ماسبق لايختلف اثنان اننا بصدد واجهة مهمة ومؤثرة تضعنا امام معادلة رئيسية . ايصال كل الاشياء الجميلة التي تترك انطباعا جيدا لدى الطرف الآخر .ثانيا تجنب كل مايسيء لهويتنا الدينية والوطنية ويجعلنا بالتالي افضل سفراء للبلد الذي ننتمي . لانشك لحظة ان الجماهير بمختلف تنشئتها الاجتماعية هي بالضرورة عاكسة لواقع سلوكهاالوطني الداخلي.لكن لا اعلم ان صورة الشعب المغربي عموما بالخارج سيئة بالمقارنة مع بعض الدول الاخرى دون ذكراسماء فحسب تجربتي المتواضعة ألمس كثير من الاعجاب والتقدير للبلد . المثل الدارج الذي نتداوله بيننا اختصارا للوقت والمشكل وكذلك التسليم بأمر الواقع (بحال اليابان بحال اليمن ) لايصمد امام بعض الوقائع، فهناك بعض الصور التي يصرالشعب الآسيوي عموما،وعلى وجه الخصوص الجمهور الياباني في ايصالها عبر شاشات العالم بوجودمناسبة او بدونها.تفرض علينا الوقوف عندها وملاحظتها بالنظر لأهدافها البيداغوجية المؤثرة في سلوك الآخر.
منتخب اليابان الذي انهزم اليوم في الدقائق الاخيرة من عمر المقابلة بعدما كان متقدما على المنتخب الايراني. انتهت المباراة لصالح هذا الاخير بهدفين لواحد .وبين مشاعر الفرحة بالانجاز التي اشتعلت في مدرجات مشجعي الفريق الايراني وصور عناق وبكاء وتوثيق لحظة فرح بين اللاعبين وابنائهم نشاهد في الطرف الآخرصورة فريدة لحلقة المنتخب الياباني يتوسطها المدرب وهو يتكلم بكل حزم وسط عناصر الفريق باكمله ، الكل يستمع بامعان وانتباه ،تحس من خلال وقوفهم مستوى ودرجة الوعي بالمسؤولية.لكن الجميل الذي استأثر باهتمامي وفاجأني كباقي محللي الاستوديو بعدما اوقفوا ضجيج المعلق الذي انساق للفرحة بكلمات توضح ان الاثارة مهماكانت عاطفية لهاضوابط.لكن يبدو ان الصراخ والضجيج والفوضى غطت على الأشياء الجميلة في الحدث وهي صور لم يلتقطها مع الاسف المعلق فضاعت لحظة بها رسائل جديرة بالاهتمام فغابت معها المعلومة والهدف. انتظم اللاعبون اليابانيون في صف واحد يحملون لافتة كتب عليها عبارات شكر للبلد المضيف واعتذار للجمهور الياباني وهم يقفون في كل مرة امام الجمهور الياباني وينحنون تقديرا له. تتربص بهم الكاميرات التي مافتئت تلاحقهم باعتبارهم كانوا المرشحين الاوائل للبطولة و من أجل نقل مباشر لكل الاجواء المرافقة لهزيمة غير منتظرة اعتبرها جل المتتبعين مفاجأة الدورة .
أي وعي هذا ..! واي رقي وجمالية تلك التي يصر هذا الشعب على ترسيخها لدى الجميع ..! فعلا صورة مثيرة ومؤثرة كشفت البون الشاسع بين اليابان وباقي الشعوب فالرياضة قبل كل شيء اخلاق .ورسائلك قد تكون ابلغ لحظة الفشل والاعتراف به أكثر من لحظة الفوز التي لن تحتاج فيها لمدافع.

فالفوز اصدقاؤه كثر اما الفشل فهي حالة يتيمة وحيدة لا صديق لها .