آخر الأخبار

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون (ديوان عبد القادر بوخريص المخطوط)bسيدي عبد الله الغزواني .

سعيد عفلفل

الغزواني مول القصور هو سادس رجالات مراكش السبعة. تأتي زيارته يوم الأحد. يعد قطبا من اقطاب التصوف في المغرب. ولي صالح ذو كرامات و مكاشفات. جاء في مقال للرابطة المحمدية للعلماء ما يلي حول هذا الولي :” هو الشيخ الإمام، العلامة الهمام، الصوفي المحقق ، الكامل المدقق،. بركة العصر، و إمام الدهر، شيخ المشاييخ ، العارف بجلال الله و جماله، الوارث الرباني.”
يحضى الغزواني لدى عامة الناس وخصوصاً بمراكش بمكانة خاصة نظراً لارتباط العديد من الممارسات و العادات الشعبية الاجتماعية بهذا الولي.
خصه الشاعر عبد القادر بوخريص بقصيدة يمدح فيها خصال و شمائل الولي سيدي عبد الله الغزواني. وهي خصال كثيرة جاء ذكرها في القسم الثاني من القصيدة، خصال كالحكمة و العلم و العز و الهيبة و الجاه و الرفعة و التفضيل و السر الرباني ( الكرامات و البركة)، و السيادة و الكرم و الجود و الحياء.
يقول بوخريص في حربة هذه القصيدة :
” ضيف الله لله ياالغزواني ** مول القصور غير عليا يابن احمد يا مولا عبد الله.”
وهي قصيدة في قياس ” حسنك ما ليه مثيل يا طه.” لمريفق. وقصيدة “أعاشق صون هواك” لسيدي عبد القادر العلمي.
في القسم الثاني الذي يعد فيه بوخريص خصال و شمائل سيدي عبد الله الغزواني، يقول :
” حاشا تغفل عني أو تنساني ** ندريك شيخ كامل سلطان كريم ذالاْكْمال مقامك علاّه.
عزك و سقاك المالك الغاني ** و عطاك الدوا و الحكما و العز و النصر و الهيبة و الجاه.
و الرفعة و التفضيل و معاني ** و السر و السيادا و المال الجود والحيا و العلم و تَّنْباه.
لمقامك جيت أسيدنا عاني ** من بلد فاس رمت حسانك و حماك غيثني يا عزالي تاه.
غدر لي يا الهمام كيساني ** من راحك الخثيم الصافي ينزاح بيه ضري و يحيَّدْ بلاه. ”
الولي الصالح مول القصور هو أبو محمد عبد الله بن عُجال الغزواني عاش آخر فترات الحكم الوطاسي و بداية الحكم السعدي. ولد بمدينة القصر الكبير و ينتمي لقبيلة غزوان وهي قبيلة عربية. في بلدته تعلم القراءة و حفظ القرآن الكريم و تلقى المبادئ الأساسية في علوم الدين و الأدب. غادر مدينته متوجها إلى مدينة فاس طلبا للعلم و لمجالسة و مصاحبة الفقهاء و الشيوخ. التقى هناك الولي أبو الحسن سيدى صالح الأندلسي فلازمه في زاويته. لمس الشيخ الأندلسي في أبي عبد الله الغزواني نبوغا صوفيا خاصا و قال في حقه : ” إنما هذا عربي قوي الروح، مبارك النفس، مستنير العقل و أنا سأبعثه لشيخ أكبر. ” و هكذا كان، إذ بعثه للولي الصالح سيدي عبد العزيز التباع في مراكش حيث لازمه و صاحبه و أصبح من مريديه الأثيرين حيث كلفه بالعناية ببستانه. أبان الغزواني عن وفاء و إخلاص وهو في خدمة الشيخ التباع. حضي الشيخ الغزواني برضى التباع و أذن له بفتح زاويته الخاصة. هكذا ذاع صيت الغزواني بين الناس و شاعت أخباره و كراماته. كان الشيخ الغزواني يربي أصحابه و مريديه بقصيدة الشيخ الشريشي. ومن أشهر تلامذة الغزواني نجد مولاي عبد الله بن حساين دفين تامصلوحت الذي أسس مدرسة صوفية أساسها محاربة الفقر و الخلاء و جلب النماء واستصلاح الأراضي المقفرة واستخراج المياه و هي نفس مدرسة الشيخ الغزواني. يقول الأستاذ ابراهيم حركات في كتابه ” المغرب عبر التاريخ” عن الشيخ الغزواني : ” وقد استقر الشيخ الغزواني أخيرا بمراكش يشتغل بالحراثة و البساتين و ينفق دخله على ذوي الحاجات و يكتفي بأبسط الطعام. و كان مولعا بحفر السواقي و يكلف أصحابه بالفلاحة واستخراج الماء. طريقته لا تختلف عن طريقة أستاذه.”
كان الغزواني يلزم أتباعه بهذه الأعمال كشرط أساسي في تربيتهم الصوفية. كان يقول لأتباعه :” من حفر ساقية صنع للناس طعاما. “. إن فلسفة الغزواني هذه تتجاوز البعد الديني الصوفي إلى ماهو سياسي اقتصادي إنه هنا يشجع على ضمان الأمن الغذائي للشعب.
تتسم طريقة الغزواني الصوفية بكونها طريقة شاذلية جزولية كنهها و روحها حب رسول الله و الصلاة عليه و المداومة على ذكر الله.
للشيخ الغزواني العديد من المؤلفات لعل أبرزها كتاب : ” النقطة الأزلية في سر الذات المحمدية “. وله أيضا مجموع شعري فيه ما يربو عن 2400 بيت شعري. و مراسلات مع بعض المشاييخ كالهبطي و اللقاني حول موضوعات صوفية.
يحتضن ضريح الغزواني العديد من الطقوس و العادات التي دأبت الأسر المراكشية على إحيائها في العديد من المناسبات و خصوصا مناسبة الاحتفال بعيد المولد النبوي. ولعل أبرز هذه الطقوس هو عملية ختان الأطفال. وأنا كنت واحدا من هؤلاء الأطفال الذين تم إعذارهم في حرم ضريح سيدي عبد الله الغزواني في أواسط ستينيات القرن الماضي. ولا زالت بعض مظاهر هذا الاحتفال عالقة بذاكرتي.
كما تحتفظ الذاكرة الشعبية بالعديد من الأهازيج و البراول التي تنشد تخليدا لذكرى الشيخ الغزواني و كمثال على ذلك :
*”سعدات اللي رضا عليه الغزواني.”
*”أرواح أللي بغا يزور الوالي مول القصور.”
*” ميات علام و علام و لا علام فوق علامو.”
توفي الشيخ الغزواني سنة 935 هجرية الموافق ل 1528 ميلادية بسكتة قلبية و هو على صهوة جواده عائدا إلى مراكش و دفن في حومة القصور. و القصور من الأحياء التي كان يقطنها علية القوم من خدام الدولة المغربية.