آخر الأخبار

أحبُّوا أطفالكم قبل أنْ يولدوا

محمد خلوقي

إن من اوليات واسس التربية السليمة والسَّوِية للطفل ، أن يأتي هذا المولود ، ابتداءً ، الى الدنيا من طرف والديه عن حب ورغبة ، لا عن كُره ورهبة ،او عن خطأ او خطيئة ، وكذلك أنْ تعتقد أمُّه جازمةً ان حَملها به ليس حِملا او عبْئا بل هو هدية ٌوروحٌ ربانية مفرحة ، لا قنبلة بشرية مخيفة ومقلقة .اما الاب فإنه حتما لا بد وان يعيش شوق وفرحة القادم دون ان يفصله عن لحظات انتظار المولود . وهكذا تبدأ اولى علامات الانجاب السوي مع فرحة الوالدين وانتظارهما وتحسُّسهما بشوق للمولود قبل خروجه الى الوجود .

فرغبة الطرفين ، واتفاقهما ، وتخطيطهما واستعدادهما النفسي وقبله العاطفي تُعد من المداخل الاساسية لتحقيق هذه التربية السوية .

فالطريق او المسكنُ الحسنُ ، يحتاج قبل انجازه وإكماله ، تفكيرا ومشاورةً وتصميما وإعدادا ، اما ان تم بناؤه بعبثية ، وتسرع، وجهل، وعشوائية ، فالاكيد ان ظاهره لن يختلف عن باطنه قبحا وسماجة .

كذلك الامر حين نريد خياطة جلباب او قميص ، فيتطلب ، ابتداءً، تصورا قبليا ، وتخطيطا للمقاسات ، وتفكيرا في التزويقات والتطريزات ، ثم الشروع في الانجاز والابداع .

في غياب هذه الترتيبات الاولية والاساسية والجوهرية ، قد نُصدم بواقع تربوي جد مؤلم

ذلك ان بعض الاسر تشتكي – اليوم – من انحرافات وانزلاقات ابنائها ؛سلوكا واخلاقا وفكرا ، فاعتقد ان من بين الاسباب لذلك ، وكما اشرت في البداية ، ان هذا المولود لم تتحقق فيه نسب عالية من شرط الرغبة المقرونة بالحب ، والتخطيط والصبر والمسؤولية .

وللاسف الشديد ، كم نسمع من احاديث الوالدين في لحظات البوح الانفعالي ، يعتبران فيها ان أحد مولودهما ( ذكرا او أنثى )قد جاء بالخطأ ، اوعن عدم رغبة في اضافة مولود آخر ..

و هذا المنطوق الصريح ، او حتى الشعور الدفين من طرف الوالدين غالبا ما قد يُنتِج تصرفات وسلوكات حارقة ، وأودية جارفة من أحاسيس التأفف ،والتدمر ، والسخط ، وعدم الرضى ، وغالبا ما يُكْوَى الطفل البرئ في مرحلة من مراحل نموه بهذا الاحساس السلبي تجاه وجوده ..وبعدها ستتوالى اشكال من الالام والجراحات ، وتتحفر في دواخل الصغير النُّدوبُ والعقد النفسية، مما يصعب مسحها او إزالتها من شخصيته المستقبلية .

ومن هنا يبدأ مسلسل المعاناة وصعوبة المعافاة.

👈نستنتج مما سبق ان التخطيط القبلي الممزوج بالحب الحقيقي يُعد مطلبا أوليا واساسيا ووجوديا في تحقيق التنشئة والتربية السليمة والسوية والتي تعود بالنفع على الطفل والاباء والمجتمع .

لهذا أهمس في اذن كل المقبلين على الزواج اوالانجاب ان يتمهروا اولا على حب وعشق أطفالهم قبل ان يوجدوا ، ويتدربوا على التخطيط لهم قبل ان يولدوا ، فتلك ، لعمري ، أولى الخطوات نحو عيش السعادة و تحقيق السلامة .