في صباح اليوم الاثنين، 1 شتنبر، خرج أصحاب بعض مقاهي مراكش ليحتجوا أمام ولاية المدينة، مطالبين بحقهم في تقديم النرجيلة (الشيشة) لزبائنهم. وجاءت هذه الوقفة بعد الحملات المكثفة للسلطات الأمنية ضد أصحاب هذه المقاهي وقرارات الولاية بإغلاق بعض المقاهي وسحب الرخص، احتجاجًا على مخالفتهم للقانون.
وقفتهم هذه، المليئة بالشعارات، لم تكن ضد الفقر أو البطالة أو أي مسألة اجتماعية حقيقية، بل ضد القانون نفسه الذي ينظم نشاطهم ويمنعهم من مخالفة الترخيص الممنوح لهم كمقاهي عادية.
المفارقة لا تحتاج إلى تحليل عميق: مقهى بترخيص لتقديم القهوة والمشروبات الغازية يقرر فجأة أن قانون الشيشة غير عادل، ويخرج إلى الشارع ليطالب بحقه في مخالفة واضحة للقانون. وكأن تقديم النرجيلة أصبح حقًا دستوريًا، أو جزءًا من الكرامة الوطنية!
أما الجانب الأكثر إثارة للسخرية، فهو النقاش غير المعلن عن الربح السريع: فبينما مناطق كاملة تعمل بمقاهي نظامية لتقديم المشروبات، يختار بعض أصحاب الشيشة الطريق المختصر للأرباح، مستغلين ثغرات القانون، وأحيانًا يقدمون نشاطات مخالفة ومشبوهة في الكواليس، لتحويل المقاهي إلى مصادر دخل سريع بدل الالتزام بالترخيص القانوني.
وإذا كان هذا لا يكفي، فالوضع يزداد سوءًا بسبب ولوج القاصرين لهذه الأماكن، ما يؤدي إلى إزعاج السكان، تصرفات مخالفة للأخلاق، وسلوكيات تضر بالمواطن. صرخات، ضجيج ليلي، تجمعات عشوائية، كل هذا يضاف إلى قائمة الشكايات، بينما أصحاب المقاهي يرفعون لافتات احتجاجية ضد القانون.
القانون المغربي واضح: تقديم النرجيلة في الأماكن العامة محظور إلا ضمن شروط صارمة وترخيص خاص. هذا ليس اعتباطًا، بل حماية للصحة العامة والنظام العام. والوقوف ضد هذا القانون، بحجة “حق الزبون في التسلية”، يوضح أن المطالب ليست حقوقًا وإنما نزعة للربح الفوري والانفلات القانوني.
إن هذه الوقفة الاحتجاجية، التي أرادت أن تظهر كمواجهة “ظلم قانوني”، تحولت إلى عرض كوميدي يثير الاستغراب: شعارات مرفوعة ضد القانون، وفي الوقت نفسه مقاهيها تعمل خارج الترخيص، والمجتمع يتساءل: هل الاحتجاج على القانون حق، أم مجرد ذريعة للتهرب من الالتزام بالقواعد؟
في نهاية المطاف، المغرب بلد القانون، ولوطنية بعض الأشخاص حدود، والوقفة هذه ليست أكثر من درس في النرجسية القانونية: يريدون الشيشة والربح السريع، ويريدون تجاهل أضرار ولوج القاصرين والإزعاج للمواطن، لكنهم يرفضون أي قيود قانونية. والمجتمع يراقب، وينتظر من الدولة أن تقول بصوت أعلى: القانون فوق كل احتجاج، ولا مكان لمن يريد تحويل الترخيص إلى مزاج شخصي.