رغم الصعوبات، رغم غلاء المعيشة، رغم ما نراه من مظاهر الفساد والبيروقراطية والمحسوبية، ورغم الإحباط الذي يتسلل أحيانًا إلى النفوس… يبقى الوطن هو التاج، وهو المعنى، وهو الجذور التي لا تُقتلع مهما عصفت بها رياح الأزمات.
“نموت نموت ويحيا الوطن” ليست مجرد عبارة نرددها في لحظات الحماسة، بل هي خلاصة الوعي الجمعي الذي تشكل عبر قرون من النضال، من دماء الشهداء، من صبر الأمهات، ومن حلم الشباب بوطن عادل كريم. الوطن ليس شعارات، بل هو ذاكرة الأرض، وعرق الفلاح، ودموع الأستاذ في القسم، وصيحات المرضى في المستشفيات… هو آهات الناس في الأسواق حين لا يكفي الدخل، لكنه أيضًا ابتسامة طفل في الحي، وأذان المغرب في الأحياء القديمة، وأغنية الرايس وهو يحكي تاريخ الجبال.
نعم، نحن نعيش واقعًا لا يخلو من الأوجاع: شباب بلا شغل، قرى مهمشة، تعليم يحتاج إلى نفس جديد، صحة تنهكها قلة الموارد، وإدارة تغلق الأبواب أكثر مما تفتحها. ومع ذلك، لا نكفر بالوطن، بل نرفض أن يكون الألم مبررًا للخيانة أو للسكوت. نحن نحب الوطن بعيوبه، ونؤمن أنه يستحق أكثر، ويستحق منا أكثر.
وفي خضم هذا المشهد المتشابك، يظل صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، هو صمام الأمان، وضامن الاستقرار، وحامل هم التوازن الوطني. مبادرة بعد أخرى، وخطاب بعد آخر، ظل حريصًا على الإصغاء لهموم الشعب، وعلى توجيه المؤسسات نحو الإصلاح، وإن تعثرت المسارات أحيانًا. فمبايعة الملك ليست طقسًا بروتوكوليًا، بل هي عقد ثقة بين العرش والشعب، متجذر في التاريخ وممتد إلى الحاضر والمستقبل.
نختلف، ننتقد، نطالب، نحتج… ولكن لا نساوم في حب هذا التراب. وإن خان البعض الوطن من أجل مصالح آنية، فالغالبية الصامتة لا تزال تحمل المغرب في قلوبها، وتستيقظ كل صباح على أمل أن يكون الغد أفضل.
نموت نموت ويحيا الوطن، ما دامت قلوبنا تنبض بحبه، وما دامت عيوننا ترى فيه الملاذ والمستقبل. لن نصمت عن الفساد، ولن نتواطأ مع من يسيئون إليه، لأن الوطن الذي نحبه يستحق منا أن نحسن إليه، لا أن نتركه للمستفيدين من صمته.
ولأننا نؤمن بالوطن، فإننا نؤمن بالمؤسسات، ونلتف حول رموزنا الكبرى، وعلى رأسهم جلالة الملك محمد السادس، رجل الحكمة والرؤية، في زمن قل فيه من يحمل هم الوطن بحق.
عاش الوطن، وعاش الملك، والخزي لكل من لا يرى في المغرب سوى غنيمة أو محطة عبور.