آخر الأخبار

“مستشفى محمد السادس: المعاناة تحاصر المرضى والفائض يزين خطابات الوزير”

المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش يعيش وضعا مأزوما لا يحتاج إلى تجميل بالكلمات، بل إلى مواجهة الحقيقة كما هي: خصاص مجهول في الأسرة، أدوية مفقودة، ونقص حاد في الأطر الطبية. جمعيات المجتمع المدني، وهي لا تتعدى رؤوس أصابع اليد، تجد نفسها في الصفوف الأولى لمواجهة معاناة المرضى، تعوض غياب الدولة، وتبحث في كل اتجاه عن حلول، حتى لو اقتضى الأمر طرق أبواب الجالية المغربية بالخارج لاستقدام أدوية مفقودة أو باهظة الثمن.

المفارقة المؤلمة أن السيد الوزير يتحدث عن فائض في ميزانية القطاع، بل قام بزيارة المستشفى الجامعي واطلع بنفسه على هذه الإكراهات، كما تواصلت وزارته مع مئات الرسائل التي تصرخ بغياب الدواء وغلاء أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض الخطيرة. حتى الصيادلة راسلوا الوزارة محذرين من هذه الأزمة، لكن الجواب كان تخفيض ثمن 25 دواء، أغلبها لا يتجاوز سعره 200 درهم، في وقت كنا ننتظر فيه تخفيض أدوية السرطان والأمراض المزمنة والخطيرة التي يتجاوز ثمنها 12 ألف درهم وأكثر.

وإذا كان الوزير يتحدث عن فائض مالي، فلماذا لا يتكرم باستثماره في تجهيز المستشفى الجامعي بمراكش بما يليق بسمعته كصرح جامعي ومرجعي، أو على الأقل بناء مستشفى جهوي في ورزازات والأقاليم المجاورة لتخفيف الضغط عن مراكش؟ أم أن الفائض سيظل رقما في التقارير، بعيدا عن نبض المرضى الذين لا يجدون سريرا ولا دواء؟

الأخطر أن المستشفى العمومي لم يعد مجانيا كما ينص الدستور على أن التطبيب حق أساسي لكل مواطن. اليوم، المريض البسيط يدفع ثمن دواء غير مدعوم، ثمن تحاليل باهظة، وثمن معاناة يومية في ممرات المؤسسات الصحية. أي معنى إذن لحديث الحكومة عن العدالة الاجتماعية إن كان المواطن البسيط يواجه الموت وحده، بينما فائض الوزارة يتيه في الحسابات؟

المسألة لم تعد تقنية ولا مجرد سوء تدبير، بل هي قضية كرامة وعدالة. الصحة ليست ترفا، بل حقا دستوريا، وعلى السيد الوزير أن يتوقف عن تقديم الأرقام الوردية، ويبدأ في مواجهة الحقائق السوداء التي يعيشها المرضى يوميا في مراكش والجنوب الشرقي وكل المغرب.

رسالة للبرلمانيين والسيد الوالي وجميع الفاعلين:

إن واقع مستشفى محمد السادس لا يحتمل التلكؤ والمماطلة. المواطنون يصرخون، المرضى يموتون، وجمعيات لا تتعدى رؤوس أصابع اليد تكافح من أجل إنقاذ الأرواح. أي فاعل له مسؤولية تجاه الصحة يجب أن يتحرك الآن: البرلمانيون، الذين ينتمي معظمهم لفريق الأغلبية، مطالبون بمراسلة الوزير مباشرة وطرح الأسئلة الصعبة في البرلمان حول غياب الأدوية وتجهيز المستشفى، لتفعيل الرقابة الحقيقية وليس مجرد التغطية على الواقع. السيد الوالي مدعو لتفعيل السياسات الصحية على الأرض، وكل الفاعلين لتقديم الحلول العملية دون انتظار تعليمات بعيدة أو بيانات إعلامية فاخرة.