آخر الأخبار

مراكش… مدينة تُهان كل يوم!

ما الذي تبقّى من مراكش؟ المدينة التي سُوّقت كوجهة عالمية، وحُملت شعارات التنمية المستدامة والانفتاح الحضاري، أصبحت اليوم مرادفًا للتهميش، للتسيير العشوائي، وللامبالاة الصارخة. مراكش تُهان يوميًا، ليس من الخارج، بل من أولئك الذين أوكلت إليهم مهمة النهوض بها. الجهات المنتخبة والسلطات المحلية فشلوا فشلًا ذريعًا في ترجمة التوجيهات الوطنية الكبرى إلى واقع ملموس، وتركوها تتخبط في الإهمال والارتجال والتردد.

المدينة، ببساطة، أكبر من مسؤوليها.

فأي إنجازات يمكن الحديث عنها والطرقات محفرة، الأزقة مظلمة، الحافلات غائبة، النظافة منعدمة، والخدمات تنهار؟ أي مدينة عالمية تلك التي لا تتوفر حتى على خدمات عمومية تحفظ الحد الأدنى من كرامة السكان؟ الكهرباء منقطعة في أحياء، النقل العشوائي يسيطر على المشهد، لا صيانة للبنية التحتية، ولا عدالة مجالية… كل شيء يُدار بالترقيع، وكل صوت محتج يُقابل بالصمت أو التسويف.

والمؤلم أكثر أن ما يُسوّق كإنجاز، ليس سوى وهمٍ مُصنّعٍ بعناية من خلال بعض الأبواق الإعلامية، والمستفيدين من ريع الوضع القائم. فهناك من يتقن فن التطبيل، ومن يقتات على الفتات، ويسوّق الصورة الوردية المزيفة، بينما الواقع في الأحياء والمرافق يُكذّب كل شيء.

أما الغياب المتكرر لوجوه مسؤولة عن الحضور والتواصل المباشر مع الساكنة، فقد أصبح رمزًا لاستخفاف واضح بمراكش وأهلها. وكأن المدينة ليست سوى دائرة انتخابية تُستغل موسمًا ثم تُنسى باقي السنوات. الوعود تتكرر، لكن الأفعال لا تتجاوز حدود البلاغات والصور والبروتوكولات.

السلطات المحلية بدورها تتحمّل جانبًا كبيرًا من هذا الفشل بالصمت، أو بالتواطؤ، أو بعدم القدرة على التدخل الحاسم حين يلزم الأمر. لا محاسبة، لا إنصات، ولا قرارات تُشعر المواطن بأن هناك من يحمي هذه المدينة من الانهيار.

حتى المشاريع الملكية، التي طالما انتظرتها الساكنة كنافذة أمل، تعطلت أو ظلت حبيسة الرفوف او نهبت مزانيتها. فلا تسريع، ولا تنفيذ، ولا تواصل بشأنها، وكأنها لم تكن إلا مادة للخطابات واليافطات الرسمية.

في ظل هذا الواقع، المدينة تنزف… والناس سئموا. الصبر بدأ ينفد، والثقة تتآكل، وكل من خذل مراكش سيُسأل عاجلًا أم آجلًا. وإن لم يكن عبر المساءلة القانونية أو الإدارية، فصناديق اقتراع سوف تقول كلمتها وتضع حدا للإستهتار بمدينة وساكنتها.

مراكش لا تحتاج شعارات جديدة، بل تحتاج ضمائر حيّة. تحتاج إلى من يعيد إليها كرامتها، ويديرها بعقل وطني لا بمنطق المصلحة. المدينة تموت ببطء، والذين يدّعون خدمتها هم أول من أدار لها ظهره.