وقفت تقارير المجلس الأعلى للحسابات عن حجم الاستنزاف الذي ينخر مالية مراكش بسبب قطاع النظافة خاصة في الشق المتعلق بالنفايات المنزلية.
فقد كلف هذا القطاع لوحده خلال الفترة الممتدة ما بين 2015 و2017 اَي ثلاث سنوات فقط غلافا ماليا تجاوز سقف ال100 مليار سنتيم بالتمام والكمال، موزعة على 80 مليار سنتيم ككلفة للتجميع ،و26 مليار و700 مليون سنتيم خاصة بتدبير المطرح العمومي. لاحظ تقرير قضاة إدريس جطو ان إسناد قطاع النفايات لثلاث شركات مختلفة، بعقود تمتد لست سنوات، بعد توزيع المجال الترابي للمدينة على ثلاث مناطق ( مقاطعة المدينة سيدي يوسف بن علي ، مقاطعة جيليز ، ومقاطعة المنارة) قد كلف مالية المدينة الحمراء خسائر فادحة فاقت ال12 مليار سنتيم، باعتبار الفارق في الأثمنة المعتمدة والمتعلقة بنفس الخدمات بالنسبة لكل قطاع على حدة، حيث يتجاوز الفارق في بعض الحالات زيادة بنسبة 48 بالمائة.
نتيجة حتمية ومتوقعة بالنسبة لتقرير المجلس الأعلى للحسابات بسبب تفويض القطاع لثلاث شركات مختلفة من حيث الامكانات وشروط خدماتها، وكذا في غياب اَي مخطط مديري لتدبير النفايات المنزلية، ما انتج غياب التنسيق والاتساق في عمليات التدبير .
ففيما المدينة وساكنتها تنتج حوالي 97 بالمائة من النفايات المنزلية، لوحظ ان اهل الحل والعقد ببهجة الجنوب اختاروا سلسلة لتثمين هذه النفايات على أساس الفرز بعد الجمع، عبر الاستثمار في مركز الفرز بالمطرح العمومي الجديد، الا ان غياب اعتماد الجمع الانتقائي للنفايات انطلاقا من المصدر، جعل سلسلة التثمين المختارة غير ذات موضوع ( من حيث التعقيدات التي تطرحها وانعدام ضمان شروط النجاعة والنجاح ) ، حيث تصطدم بواقع عدم تجانس النفايات التي يتم ايداعها بالمطرح، بالنظر لطريقة التجميع المعتمدة، والتي ترتكز بالأساس على الجمع الأحادي للنفايات دون تمييز أو فصل لبعض الأصناف، إضافة إلى افتقار المدينة لمطرح مخصص لتثمين وطمر النفايات الناجمة عن أشغال الهدم أو البناء.
وحتى تمتد مساحة الارتجالية في تدبير القطاع ، سجل قضاة المجلس الأعلى للحسابات مظاهر الارتباك البارزة في تدبير خدمات جمع النفايات والتخلص منها، فبالإضافة الى إلغاء مركز التحويل من سلسلة تدبير النفايات، بعد قرار التخلي عن إقامة مركز للفرز والتحويل بالمطرح العمومي القديم، وتعويضه بمركز للفرز فقط على مستوى المطرح العمومي الجديد، ما جعل الشركات المفوض لها تدبير القطاع تبحث عن مواقع بديلة قصد التحويل، وتغييرها في كل مرة بسبب احتجاجات المواطنين، تم تسجيل بعض الممارسات المخالفة لكناش التحملات و المتناقضة مع المقتضيات التعاقدية والمعايير البيئية، حيث عمدت الشركات المفوض لها تدبير القطاع إلى استغلال أراض فلاحية لتفريغ وتخزين النفايات المجمعة مؤقتا فيها، دون أي تحضير أو تهيئ مسبق أو تجهيز أو معالجة للعقارات المستغلة في هذا الاطار.
من الملاحظات المسجلة بتقرير قضاة جطو والدائرة في فلك الهدر واختلالات التدبير تبرز كذلك الكلفة المالية التي فاقت خمسة ملايير سنتيم لإحداث مركز الفرز بالمطرح الجديد والتي تجاوزت الخمس ملايير سنتيم ،
غير انه وبعد الانتهاء من اشغال التجهيز والتهييء وتسليمه مؤقتا سنة 2017، فقد ظل والى حدود تحرير التقرير خلالشهر أبريل من سنة 2018، في عداد ” زوجة المنحوس اللي ما هي مطلقة ما هي عروس” حيث لم يكتب له العمل والاشتغال ، بالرغم من صدور قرار إغلاق المطرح العشوائي المقام بجماعة حربيل منتصف سنة 2016، والشروع في استغلال المطرح الجديد المراقب والمقنن على مستوى جماعة المنابهة، وهو المطرح الذي فوضته الجماعة لإحدى الشركات لمدة 20 سنة.
تبقى الإشارة الى ان تقرير المجلس الأعلى للحسابات قد سجل جملة بل ركام من الإختلالات والتجاوزات لدى الشركات المفوض لها تدبير القطاع، حيث يبرز في مقدمة الملاحظات المسجلة في هذا الشأن عدم وفاء هذه الشركات بالالتزامات التعاقدية الخاصة بالمعدات ، من قبيل عدم كفاية عدد الحاويات وعدم غسلها وتعقيمها، والخلط بين مخلفات الكنس والنفايات المنزلية خلال عملية النقل إلى المطرح، ليبقى بذلك القطاع برمته غارق في بحر الاختلالات والتجاوزات مقابل استنزاف أموال المدينة بشكل فاق كل التوقعات.