في أجواء يطبعها الالتزام بقضايا الطفولة والنساء، اختتمت اللجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بقلعة السراغنة أشغال دورتها الثانية، المنعقدة زوال يوم أمس الثلاثاء 17 يونيو 2025، تحت رئاسة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، الدكتور سعيد بوطويل، وسط حضور وازن ضم ممثلين عن السلطات القضائية والأمنية والإدارية، وممثلي المجتمع المدني والإعلام.
وقد توج هذا الاجتماع، الذي عرف مشاركة فاعلة من قضاة، ورؤساء مصالح أمنية، ونائبة رئيس المجلس الإقليمي الأستاذة رجاء بدة، وممثلي جمعيات المجتمع المدني، بإصدار مجموعة من التوصيات الهامة التي صادق عليها الحاضرون بالإجماع، وشكلت خارطة طريق لتعزيز الجهود المبذولة في حماية النساء والأطفال من كل أشكال العنف والاستغلال.
توصيات لتعزيز حماية القاصرات ومحاربة الظواهر السلبية
وهمّت التوصيات مجالات متعددة، أبرزها:
تعزيز ثقافة التبليغ عن كل مظاهر استغلال القاصرات في مختلف المجالات، باعتبار ذلك مدخلاً أساسياً لمحاربة زواج القاصرات وضمان بيئة آمنة تشجع على التمدرس.
تشديد الرقابة على محاولات تزويج القاصرات خارج الإطار القانوني.
دعم وتشجيع المشروع المدرسي “الريادة” للحد من الهدر المدرسي وتحفيز الفتيات على مواصلة الدراسة.
الدعوة إلى إدماج التربية الجنسية في المناهج الدراسية بما يساهم في تعزيز وعي التلاميذ بحقوقهم.
تبسيط إجراءات التسجيل في الحالة المدنية والإجراءات الإدارية ذات الصلة.
تمكين النساء والأسر المعوزة اقتصادياً لدعم الاستقرار الأسري والاجتماعي.
تنظيم قوافل تحسيسية موجهة للآباء من أجل تغيير بعض التمثلات الثقافية السلبية تجاه زواج القاصرات.
تعزيز التنسيق بين القطاعات الحكومية والسلطات المختصة في إطار تكامل الجهود وتوحيد التدخلات.
مواصلة تنظيم أنشطة دينية وتوعوية حول خطورة زواج القاصرات وآثاره السلبية.
تشجيع البحث العلمي حول ظاهرة زواج القاصرات وإنشاء بنك معطيات وطني حولها.
الدعوة إلى مراجعة التشريعات القانونية ذات الصلة بزواج القاصرات بما يحد من الاستثناءات ويقيد الظاهرة إلى أقصى حد.
التفكير في صياغة “ميثاق الزواج” كمرجعية وطنية استرشادية تتضمن الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين.
إشادة بدور الضابطة القضائية والإعلام في التصدي للظاهرة
وخلال ختام أشغال الدورة، تم توجيه الشكر لكافة المتدخلين من السلطات القضائية والأمنية والإدارية وجمعيات المجتمع المدني، على المجهودات الميدانية التي جعلت من مخرجات عمل اللجنة مشاريع واقعية تجاوزت حيز النقاش النظري. كما نوه المشاركون بالدور الحيوي الذي تقوم به الضابطة القضائية في حماية القاصرات، عبر حملات أمنية دورية في محيط المؤسسات التعليمية لضمان بيئة مدرسية آمنة.
في ذات السياق، لم يُغفل المجتمعون الإشادة بالدور المحوري الذي يضطلع به الإعلام في التوعية والتحسيس ومواكبة قضايا المرأة والطفولة، مؤكدين على ضرورة استمرار هذا الانخراط الإعلامي كشريك استراتيجي في محاربة كافة أشكال العنف.
اختيار موضوع الدورة المقبلة
واختُتم الاجتماع بالاتفاق على اختيار موضوع الدورة الثالثة للجنة، والذي سيتناول: “جهود القطاعات في التصدي لمختلف مظاهر استغلال القاصرين”، مع توزيع محاور المداخلات التي ستعدها القطاعات المعنية بهدف تنزيل توصياتها على أرض الواقع.
بهذا المسار الجماعي والتشاركي، تواصل اللجنة المحلية بقلعة السراغنة تكريس نموذج فعّال في مقاربة قضايا العنف ضد النساء والأطفال، مستندة إلى مقاربة شمولية تجمع بين الوقاية والحماية والزجر، مع مواكبة إعلامية وتحسيسية رافعة لوعي المجتمع بحقوق الفئات الهشة.