آخر الأخبار

زاوية لحضر.. حي عريق يواجه خطر طمس معالمه الأصيلة

يُعد حي زاوية لحضر بمراكش واحداً من الأحياء العتيقة التي ما زالت تحافظ على مقومات الحياة التقليدية، حيث يجد الزائر بين أزقته الضيقة ملامح الماضي حاضرة بكل تفاصيلها. ويُشكّل كل من فحلي لَرْنْجا ولمفرج أبرز الممرات المؤدية إليه، ما يجعله حلقة وصل بين أجزاء مهمة من النسيج العمراني العتيق للمدينة.

الحي يتوفر على مقومات أساسية تميز الحياة الاجتماعية المراكشية الأصيلة: فرن تقليدي وحمام شعبي، كتاب قرآني يجاور أحد المداخل الرئيسية لمسجد ابن يوسف، إضافة إلى مرحاض عمومي ظل لعقود متنفساً للساكنة والزوار. كما يحتضن الحي المقبرة اليوسفية التي تعكس البعد الروحي والتاريخي لمراكش.

إلى جانب ذلك، يكتسي حي زاوية لحضر أهمية سياحية خاصة، باعتباره أحد المزارات التي تقود الزائر إلى مدرسة ابن يوسف العتيقة، ومنها إلى قلب الأسواق التقليدية، حيث تتجسد الحياة اليومية للمدينة في طابعها التجاري والحرفي.

لكن هذه القيمة التراثية والسياحية تواجه اليوم تهديدات حقيقية نتيجة قرارات مثيرة للجدل. فقد جرى، مؤخراً، تفويت المرحاض العمومي لأحد المستثمرين المعروفين، وهو نفسه الذي سبق أن فاز بصفقة كراء طويلة الأمد للمقر التاريخي المجلس العلمي ، قبل أن يحوله إلى بازار تجاري أفقده قيمته الثقافية والأثرية.

إن استمرار هذا النهج، الذي يحول المرافق ذات الطابع التراثي إلى مشاريع تجارية، يعد ضرباً مباشراً لهوية المدينة وتاريخها. وهنا تبرز المسؤولية المباشرة لوزارة الثقافة والسلطات المحلية في حماية الموروث المراكشي وصون ما تبقى من المعمار المرابطي الأصيل.

فبدل المساهمة في إقبار معالم عمرانية واجتماعية شكلت ذاكرة جماعية على مدى قرون، فإن المطلوب اليوم هو التدخل العاجل لإيقاف هذا النزيف، وإعادة الاعتبار لمرافق المدينة العتيقة، عبر صيانة المراحيض العمومية ودعم الأحياء التراثية والحفاظ على مؤسساتها الأصلية.

إنقاذ زاوية لحضر، ومعها أحياء عتيقة أخرى، لم يعد مجرد مطلب محلي لسكان المدينة، بل هو نداء وطني موجَّه لوزارة الثقافة والجهات الوصية من أجل الوفاء بمسؤوليتها في حماية التراث المادي واللامادي، وصون صورة مراكش كعاصمة روحية وثقافية للمغرب.