إدريس المغلشي
التواجد في الساحة العالمية والتأثير عليها بقرارات مهمة ليس في متناول الجميع والحضور النوعي المؤثر لا يتحقق بالبهرجة والتطبيل والنفخ في الارقام التي لا تنسجم مع الواقع فكثير من التقارير والمؤشرات والتصنيفات كذلك تأتي مخيبة للآمال ولانعالجها بالحزم والمسؤولية المطلوبة نتجاوزها ونتغافل عن تتبعها ، مادامت كل أجهزتنا الرقابية قد تم الإجهاز عليها ومصادرة دورها وجعلها نسخ تابعة لامستقلة. إن نتائج التصنيفات ضمن قائمة الدول التي تحترم مواطنيها من خلال مؤشرات التنمية هو الكفيل بكشف حقيقة تدبيرك الداخلي دون الحاجة للدفاع عليه أرقامه ناطقة لاتحتاج لدليل .
اسبانيا الدولة الجارة تسجل اهدافا في صمت وبلاضجيج ودون ان تترك الفرصة تضيع. ليس تلك التي يتفنن منتخبها الوطني فيها والمدجج بالنجوم التي تجيد فن اللعبة بمهارات وفنيات عالية استطاعت أن تفرض احترامهاعلى الباقي كذلك في السياسة وبشكل راقي ومحترف لتقول للعالم أنها رقم يصعب تجاوزه في معادلة جيوسياسية. التقدم الحقيقي ان يتوافق نبوغك الرياضي مع تقدم مستواك المعيشي ومادونه هراء وفراغ لا يستقيم .
لقداعطت اسبانيا هذه الايام من خلال حدثين هامين رسالتين لايمكن تجاوزهما. الرسالة الأولى اتخاذ قرار عدم استقبال السفن المتجهة نحو العدو الصهيوني والتضحية بكل العائدات الإقتصادية انحيازا للبعد الإنساني ومسالة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وبالتحديد منطقة غزة التي انعدمت فيها سبل الحياة وكذا آدمية البشر الذي لم تعد السياسة تجدي امام الصور الموغلة في الوحشية والتي فاقت التصور والتوقع . الحكومة اصطفت إلى جانب شعبها والتقطت الإشارة وقالت بالصوت العالي:كفى إبادة ووحشيةلأهلنا في غزة..!رسالة ثمنها المجتمع المدني بإيجابية كبيرة. اما الرسالة الثانية فتوضح الفرق بين رياضة تحترم آدمية الإنسان وتقدر دورها في تثمين تلك العلاقة مما يعطي الإنطباع أننا امام جهاز مسؤول وبين رياضة تسعى للتغطية على الفشل ونهج سياسة الإلهاء لجعلها اولوية بديلة عن الصحة والتعليم .حتى بات الجميع يتساءل ماالسر في انجاز ملاعب بكلفة باهضة في زمن محدد بينما مستشفياتنا الأشغال فيها بطيئة؟ حين اقدم فريق ريال مدريد على احتضان الطفل عبد الرحيم وتم استقباله ليعطي انطلاقة مباراة أمام ملايين المشاهدين مؤكدة مرة اخرى ان البعد الإنساني رأسمال لايقدر بثمن .عبد الرحيم الذي فقد ليس اسرته فقط بل اشياء اخرى لاتعوض داخل وطنه تلتفت إليه اجهزة ريال مدريد بعناية لتنجز وعدها باحتضانه. صورة فعلا محيرة تدفعنا للقول : ما اقسى ان يتنكر لك وطنك ..! عكس كل التوقعات نجد في نفس الوقت رئيس الحكومة بمراكش ينظم تجمعا تغتصب فيه السياسة وهو يسجل فشلاذريعا في جانب الالتزام الاخلاقي حين لم يكلف نفسه التنقل من أجل الإطمئنان على أسر ومنكوبي الزلزال التي تبيت في العراء لمدة فاقت السنتين دون ان تجد لها حكومة العجز والفشل حلا نهائيا يوقف معاناة مواطنين وقعوا ضحية مرتين الاولى للزلزال كقدر رباني وحكومة فاقدة للشرعية وشعارات لاعلاقة لها بالبعد الإجتماعي. فهل نتعلم من اسبانيا أن قوة الدولة في احترام مواطنيها والتواصل معهم وتخفيف المعاناة عليهم وليس إهمالهم وإذا احتجوا القت بهم في السجون.