إدريس المغلشي
الملاحظ أن كثير من الندوات واللقاءات يضيع زمن تدبير أغلبها بين انتظار حضور غير ملتزم بتوقيت الانطلاقة مما يفوت استثمار الزمن المخصص بشكل إيجابي.
اكراه تنظيمي تعاني منه جل المؤسسات ليساهم في ترسيخ سلوك هدر الزمن. انتظارية مملة ترخي بظلالها على مسار اللقاء وتتعسف بشكل آلي على المدد المخصص لكل متدخل، مما يدفع لتسريع الخطى قهرا لنتعسف على المضامين والأهداف لايسعني تعليقا على هذه العوائق إلا قول كان الله في عون المنظمين .
لا أحد يستشعر مسؤولية الآخر وحرصه في كل مرة على اثارة انتباهنا ان هناك قضايا جديرة بالنقاش وتهمنا جميعا بل وتتيح لنا فرصة للإطلاع على المستجدات والإستماع إلى الخبراء من خلال تجاربهم التي لاشك أنهامهمة في إطار تصحيح المسار واستدراك الاختلالات التي هي بمنطق التجارب والعمل بنتيجة حتمية وافرازات منطقية تستوجب اليقظة والمعالجة.
احتضن المركب الثقافي باب إغلي لقاء غنيا يومه 13يونيو 2025 ،من تنظيم مركز رؤى للأبحاث والدراسات والتكوينات في التربية والتنمية، الندوة الفكرية في موضوع: “استراتيجيات السياسات التعليمية و دورها في بناء المدرسة الجديدة ” تحت شعار: ( أي منظومة تربوية ،لأي استدامة إدماجية ؟) لعل المثيرفي الموضوع أن نلمس تميزا واختلافا في مداخلة رئيس مؤسسة إكسيل عن باقي المتدخلين الذين سبقوه اختار على غير العادة منهجية أكثر استفزازا بالمعنى الإيجابي للكلمة بأسئلة نحو المستقبل غير مغرقة في مفاهيم الماضي ، مبتعدا في بنائها ومسنودا بافق شاسع من التخطيط الاستراتيجي دون أن يغرق كلمته في مامضى من تشخيص مبتذل يعيد قراءة واقع في غير زمانه الحقيقي الذي ذهب ولن يعود. خالف الباقي في الطرح وهي ملاحظة جديرة بالتأمل .لعل ابرز ماارتكزت عليه الكلمة من مضامين بعدما حولها بفنية عالية إلى رسائل ومشاريع جعلت انطلاقتها من مفردات رئيسية ممركزة . كيف نمتلك مسؤولية تدبيرها في السابق وننقلها ببرغماتية هادفة بنقط قوتها إلى مانحن بصدده ونخطط له دون أن نفرط في الخيط الناظم ضمانا لاستمرارية النجاح .
كيف لا ونحن ننطلق من ثلاث كلمات مفاتيح شكلت العمود الفقري للندوة وابان المتدخل الاستاذ ابو البقاء عن حس استباقي في قراءتها مما جعل من مداخلته ليس تشخيصا لواقع نحصي نبضاته او انفاسه الأخيرة بل سيرورة تستمد قوتها ووجودها من استشرافها للمستقبل وهي تتكئ على : (الاستراتيجية – السياسة التعليمية – المدرسة الجديدة) ماجعل الخطاب أكثر دينامية وتميزامن سابقيه فالمتدخل استدعى مفردة جنينية تنحث أفق المستقبل بتفرد وذكاء (الذكاء الإصطناعي) كإحدى الثورات القادمة بقوة لمجالنا التربوي وكرهان مستقبلي لاشك أنه يطرح تحديا مصيريا على منظومتنا التربوية وهو الأمرالمحوري الذي اشار إليه بلباقته المعهودة لينبهنا جميعا أن الاستراتيجيات تبني بأفق سياسي مفتوح وليس بأمنيات مرهونة بقراءة تشخيصية للماضي بل تستحضر بوعي ومسؤولية ومعرفة مسبقة بالنتائج المأمولة والمرجوة مدعومة بحس اسثماري مقاولاتي لايخطئ اهدافه وهو امر خبر سياقه وتداعياته.
النجاح في المقاولة المواطنة التي تهتم بالتربية ليس مجرد حلم تحذوه آمال كبيرة بل هو إرادة حقيقية بخلفية مدركة ومستوعبة للمجال ومستثمرة لتجربتها وخبرتها في القطاع ومنفتحة على تجارب أخرى لاتقل اهمية في اغناء المشترك وجعل التفوق عقيدة يتم ترصيد نتائجها وضمان استمراريتها لتتسع وتشمل بعض المناطق قلما نجد مستثمرا يقدم عليها سر هذا الرصيد الاقدام على المشاريع الواعدة بمغامرة واعية ومسؤولة مدركة لأهدافها بما هو منسجم مع واقع التنزيل ومراعي لظروفه وحيثياته .انها بكل بساطة تجربة نحتاج لتدريسها وتعميمها من أجل الإستئناس بها .
لعل المداخلة المركزة ترجمة حقيقية لعقلية المستثمر الناجح يؤمن بالفعل ومدى تحقفه في الواقع بابسط التعابير لكن قادر على تحقيق اهدافه بدون روتوشات تجميل ولاتنميق كلام فهل نتعلم الدرس من هذه القيمة المضافة لرجل خبر قطاع التعليم واستطاع أن يقدم لنا فيه مثالا جديرا بالتأمل