آخر الأخبار

حين تتحول التصريحات إلى بروباغندا باسم الإعلام الرياضي!

عن أي مكاسب تتحدثون؟؟

في خضم التغطية الإعلامية لمشاركة الوداد الرياضي في كأس العالم للأندية بالولايات المتحدة، صدرت تصريحات من رئيس إحدى الجمعيات المهنية الحديثة العهد، غلب عليها التمجيد وتوزيع الأوسمة المجانية، متحدثًا عن “الانخراط الكلي والهادف” في تنظيم التظاهرات الوطنية والدولية، وكأن الجمعية اكتشفت عالمًا جديدًا لم يكن يعرف الصحافة من قبل. ولكن الحقيقة أن الإعلام الرياضي المغربي، والصحافيون الذين يحملونه على أكتافهم منذ عقود، لا ينتظرون “تأشيرة اعتراف” من جهة ظهرت حديثًا.

هل يحمل هذا الحديث الكبير عن المكاسب والنجاحات حقائق واقعية، أم أنه مجرد بروباغندا تفتقر إلى الجوهر؟
هل يُعد تجميع الأموال من بعض المؤسسات العمومية والخاصة إنجازًا فعليًا؟
هل تمكين أسماء بعينها من فرص السفر والتغطية، على حساب كفاءات حقيقية، يدخل في إطار “الانخراط الهادف”؟
هل الهيكلة المقترحة تعني تطوير المهنة، أم مجرد تحويل الجمعية إلى وكالة ربحية تتاجر ببطاقات الاعتماد والدعوات الرسمية؟
وهل الاستمرار في نسج علاقات مشبوهة مع جهات نافذة ودعم مصالح خاصة سيرتقي بالإعلام الوطني أم سيدفعه إلى مزيد من التراجع؟

لقد غطى الصحافيون الرياضيون المغاربة أحداثًا كبرى، من الألعاب الأولمبية إلى نهائيات كأس العالم وكأس إفريقيا للأمم، وكانوا دائمًا في الموعد، يقدمون محتوى رفيع المستوى ويظهرون وجهًا مشرفًا للمهنة. من ينسى تغطية مونديال روسيا 2018، حين شارك ما يقارب 38 صحافيًا مغربيًا بكل كفاءة واقتدار؟ هؤلاء لم يحتاجوا إلى وسيط أو جمعية حديثة لتأطيرهم أو إضفاء الشرعية على عملهم، فقد صنعوا أسماءهم في الميدان، لا في المكاتب المغلقة أو عبر المحسوبية.

ورغم هذا التاريخ المشرق، ظهر “مثلث بيرمودا” الجديد في المشهد الإعلامي، مدعيًا أن مشاركة الصحافيين في تغطية كأس العالم للأندية تتم “بنظام وانتظام”، وكأن هذا إنجاز غير مسبوق، وكأن الصحافة المغربية لم تعرف النظام والمهنية إلا بعد ظهوره. والحقيقة أن ما يجري اليوم هو محاولة للسطو على نضالات سابقة، وتلميع صورة هيئات تبحث عن الاعتراف على حساب مصداقية المهنة.

تتحدث التصريحات أيضًا عن مشاريع مستقبلية لعامي 2025 و2030، وكأنها نجاحات قائمة بالفعل، في محاولة واضحة للالتفاف على الواقع الحالي وتحويل الوعود إلى أدوات تسويقية تفتقر إلى مضمون ملموس.

أما الحديث عن “الشراكات مع المقاولات الصحافية الجادة” فمجرد غطاء ناعم لسياسة تمييزية تُقصي صحافيين نزهاء لصالح وجوه مطبلة أُعِدت لتأدية دور البطولة في مسرحية “التنظيم”.

في النهاية، الصحافة الرياضية المغربية لا تحتاج من يضعها على “سكتها الصحيحة” كما قيل، بل تحتاج إلى الاعتراف بتجاربها الرائدة، ورفع اليد عنها، وتمكينها من شروط العمل الحقيقي، لا تسييجها بجمعيات تمارس الوصاية باسم “الرسالة النبيلة”. فالمهنة لا تنهض بالخطب، بل بالكفاءة، والنزاهة، والعدل في توزيع الفرص… وهذا ما ننتظره، لا أقل ولا أكثر.