حفل الولاء:
اليوم هو الموعد المحدد لتجديد البيعة للملك. تعجبني كثيرا تلك الطقوس: الملك على حصان عالٍ، بشمسية كبيرة يحملها رجال سود شداد غلاظ (يتناغم لون بشرتهم مع بياض الجلابيب) تحميه من أشعة الشمس حتى حين لا تكون هناك شمس، بينما الوزراء والولاة والعمال على الأقاليم والفقهاء، جميعهم دون استثناء يتقدمون في صفوف ويركعون للملك وهو على حصانه الأصيل صفّا بعد صفّ ركوعا أطول قليلا من ركوع الصلاة، ركوعا منتظما وخاشعا ومطمئنّا. كل سنة أضع أمامي صحنا مليئا بالحلويات، وأنتظر هذه المشاهد على المباشر بفارغ الصبر. أستلذ كثيرا بركوعهم الموفّق الذي بلا أخطاء شرعيّة، أشعر بسعادة غريبة وأنا أمضغ الحلوى الهشة واللذيذة جدا بطعم إذلالهم. أكرع بعدها بيرة كاملة باردة في نفس واحد في صحتهم جميعا.
الإسلاميون والاشتراكيون والشيوعيون، اليسار واليمين والوسط، كلهم يتحولون فجأة إلى إخوة في الإيمان، بجلابيب بيضاء وطرابيش، يركعون في صف واحد لإله واحد. كم أستلذ بهذا المشهد الرائع، كم أحب رؤيتهم وهم راكعين، متمنيا من أعماقي أن تتطور طقوس البيعة إلى سجود، ومن تمة إلى صلاة كاملة.
عكس العدميين والحاقدين الذين يرون أن هذه الطقوس بائدة، أجدها أجمل ما أنتجته السياسة المخزنية المغربية لتطويع المسؤولين الكبار والجنرالات وفقهاء الفتاوى تطويعا كاملا، وترويضهم ترويضا منقطع النظير، بحيث يبدؤون السنة السياسية بالركوع الصريح، المباشر على الأثير، الذي تستحيل بعده أي معارضة، إذ كيف ستعارض من تركع له، إلا إذا كنت تستطيع معارضة الله.
بصبر نافذ أنتظر فرجة اليوم، الفرجة التي لن تتكرر إلا بعد مرور عام كامل. الملك على حصانه في كامل خيلائه، والوزراء والولاة والعمال على الأقاليم والفقهاء يركعون له دون وضوء.
حين أرى ذلك أشعر بالدغدغة، بالبهجة تغمرني من أخمص قدمي حتى آخر شعرة في رأسي.
أحب هذا المشهد كثيرا: الملك منتصب على حصانه وهم راكعون كما لو في المسجد، أحب ذلك من كل أعماقي، ولا أعرف لماذا لا تتحول تلك الصلاة من مرة في السنة، إلى خمس مرات في اليوم، إضافة إلى النوافل، لنستمتع طيلة السنة.
احسن ما قيل في هذه المناسبة هو مطالبة ابن كيران بتعديل تلك الطقوس حين كان في المعارضة، قبل أن ينقلب 180 درجة ليعلم انها ” طقوسنا التي تربينا عليها” الحصول الله يلعن اللي ما يحشم.