تعويضات المرضى… بين أرقام “كنوبس” المطمئنة وخيبة الواقع المرير
مرة أخرى، يجد المؤمنون أنفسهم أمام المفارقة الصارخة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. فبينما تؤكد وزيرة الاقتصاد والمالية أن 78% من الملفات تمت معالجتها داخل الآجال القانونية خلال سنة 2024، يبقى السؤال قائماً: ماذا عن 22% من الملفات المتبقية؟ خلف هذه النسبة أناس مرضى ينتظرون تعويضاتهم وسط معاناة صحية ومادية متفاقمة، في حين تُقدَّم الأرقام الرسمية وكأنها إنجاز يُطمئن الرأي العام.
وفي نظام “الثالث المؤدي”، يتباهى الصندوق بانخفاض متوسط آجال الأداء من 70 يوماً سنة 2023 إلى 52 يوماً سنة 2024. لكن أي منطق يعتبر الانتظار لما يقارب شهرين خبراً ساراً؟ المريض الذي يحتاج إلى عملية عاجلة أو دواء ضروري لا يمكنه أن يحتفي بهذا النوع من “التحسن”.
أما المبرر المتكرر حول “إكراهات السيولة المالية”، فيثير تساؤلات أكبر: ألم يُنشأ الصندوق أصلاً ليكون مؤسسة احتياطية قائمة على التدبير الرشيد والاستباقي؟ كيف يتحول “الاحتياط الاجتماعي” إلى عبء على المريض بدل أن يكون سنداً له؟
وإذا كان الصندوق يفاخر بالرقمنة، وإطلاق المنصات الإلكترونية، ومعالجة 159 ألف مكالمة، واستقبال آلاف الشكايات، فإن المواطن لا ينتظر سرداً للأرقام بقدر ما ينتظر ألا يضطر لتقديم شكاية أصلاً. فما قيمة أن يُستعرض حجم الشكايات، إذا كانت الشكاية نفسها دليلاً على خلل في المنظومة؟
الخلاصة أن لغة الأرقام قد تصلح لإرضاء قبة البرلمان، لكنها لا تخفف من وجع المرضى الذين ينتظرون تعويضاتهم. فبينما يَعِد الصندوق بالسرعة والجودة، يظل الواقع محكوماً ببطء مزمن يزيد من معاناة المؤمنين.