في القرى، يبدو أن المسؤولين يمتلكون موهبة استثنائية: اختيار الشعارات البراقة والتغني بالإنجازات، بينما الواقع اليومي لأطفالنا في المدارس يعكس فشلاً ذريعاً وإهمالاً مفضوحاً. النقل المدرسي، الذي يفترض أن يكون جسرًا للتعليم، أصبح مسرحية إهمال. حافلات متأخرة، مركبات متعطلة، غياب الصيانة والنظافة، كل ذلك يحدث بينما المسؤولون يوزعون التصريحات ويكتبون التقارير كأن شيئًا لم يحدث.
آباء وأولياء يصرخون ويشتكون من الإهمال واللامبالاة، لكن صدى شكاواهم لا يصل إلا إلى جدران المكاتب الفاخرة، حيث تُصاغ الشعارات عن “محاربة الهدر المدرسي” و”الارتقاء بالخدمات الاجتماعية”. الواقع في القرى؟ أطفال يقطعون مسافات وعرة، يهدرون ساعاتهم في انتظار حافلات مهترئة، ويخاطرون يوميًا بحياتهم، بينما المسؤولون منشغلون بإطلاق الكلمات الرنانة التي تُنشر في الصحف والمواقع الرسمية لتلميع الصور.
الأزمة ليست مجرد أعطاب تقنية أو تأخر بسيط، بل هي فضيحة أخلاقية وسياسية: شعار هنا، إنجاز هناك، وأطفال القرى يدفعون الثمن. المسؤولون يستعملون النقل المدرسي كساحة للاحتفاء الذاتي، بينما الأطفال والأهالي يدفعون ثمن كل وعد فارغ، وكل تقرير مفصل عن “تحسين الخدمات”، دون أي أثر ملموس على أرض الواقع.
في نهاية المطاف، ما يحدث ليس مجرد إخفاق في التدبير، بل جريمة مغطاة بالشعارات. أطفالنا بحاجة إلى حافلات آمنة، صيانة منتظمة، ومتابعة فعلية، لا إلى شعارات براقة تُعزف على مسامعهم وهم ينتظرون في الطرقات، محاصرون بين الوعود الكاذبة والواقع المؤلم.