آخر الأخبار

المخطط الأخضر… عندما صارت الأرض تُزرع من أجل غيرنا!

كان المغرب يومًا بلدًا يفيض بالخيرات، بأرضه المعطاء، ومناخه السخي، وفلاحه الصبور. كنا نأكل من ترابه، ونكتفي بما تجود به أيدينا. لم نكن نعرف معنى الغلاء الفاحش، ولا كنا ننتظر الأسواق العالمية لترسم لنا ملامح المائدة المغربية.

ثم دخلت العولمة.
دخلت بسياساتها، بوصاياها، بقروضها، وبمخططاتها. جاءنا “المخطط الأخضر” على ظهر وعود الحداثة، فإذا به يسلّم الفلاحة المغربية إلى منطق السوق والتصدير، وينسحب شيئًا فشيئًا من خدمة المواطن البسيط، الذي يريد فقط أن يجد طماطم، وبطاطس، وبصلًا بثمن معقول.

زرعوا الأرض… لكن ليس لنا.
صدروا الخيرات… وتركوا لنا الغلاء.
رُويت الحقول بدم الفلاحين، وسُقيت مدن بعيدة بخيرات كانت يومًا تسكن أسواقنا الشعبية. وما إن جاء الجفاف، حتى انكشف العيب الأكبر: لا أمن غذائي، ولا اكتفاء ذاتي، ولا حماية للمواطن من مضاربات السوق.

أصبح المغاربة غرباء في أرضهم،
يشترون فواكه بلدهم بأسعار خيالية،
ينظرون بحسرة إلى اللحم الذي لم يعد إلا في المناسبات،
ويُمنعون من زرع أراضيهم أو سقيها لأن “الأولوية للتصدير”.

فأي مخطط هذا الذي يجعل من المغرب ضيعة مفتوحة للرأسمال الكبير، ويقصي الفلاح الصغير، ويجوّع المواطن العادي؟
وأي سياسة هذه التي ترى في الطماطم عملة صعبة، وفي المواطن كائنًا مستهلِكًا غير مستحق؟

إن ما يحدث ليس صدفة، بل هو نتيجة مباشرة لاختيارات اقتصادية مُفلسة، حوّلت الفلاحة من حق شعبي إلى ريع خاص.
والنتيجة؟ مواطن مغربي يعيش المأساة والمعاناة مع الغلاء، في بلد لا تنقصه الخيرات، بل تنقصه فقط الإرادة السياسية لخدمة الإنسان قبل السوق.