آخر الأخبار

الكوكب المراكشي..تواطؤ التواطؤ

تشهد مراكش جدلاً واسعاً حول اتفاقية إنشاء أكاديمية رياضية بين المجلس الجماعي وجمعية الكوكب المراكشي فرع كرة القدم والجامعة الملكية المغربية. الجدل يتركز حول شرط إفراغ مركز القنصلي ومصير الفريق في ظل فراغ إداري مستمر وغموض حول الجهات المخولة  لها قانونياً إتخاذ القرارات.

منذ أكثر من ست سنوات، يعاني المكتب المديري لنادي الكوكب المراكشي متعدد الأنشطة من فراغ إداري مستمر، بعد استقالة رئيسه مباشرة أمام وسائل الإعلام فور انتخابه في الجمع العام.

ومنذ ذلك الحين، تولى نائبه المسؤولية مع أعضاء المكتب، لكن دون قدرة على إخراج النادي من دوامة التخبط والارتجال.

ورغم استمرار المكتب في التسيير، تصاعدت سلسلة من الفضائح التي زادت الوضع سوءًا، كان أبرزها ما عُرف بـ”واقعة الكمبيالة”، التي منحها نادي شباب المحمدية لفرع كرة القدم، لكنها انتهت في حساب إحدى قريبات الكاتب العام للمكتب المديري، مما أدى إلى استقالته، وأثار موجة من الغضب والشكوك حول من يدير فعليًا شؤون النادي ومن يحمي مصالحه.

مركز القونسلي: صراع السيطرة بين المكتب المديري وفرع كرة القدم

في ظل هذا الفشل المؤسساتي، استعاد المكتب المديري تدبير مركز القُنصلي، الذي كان خاضعًا سابقًا لفرع كرة القدم، بناءً على وثيقة رسمية. لكن بدلاً من أن يكون ذلك خطوة إصلاحية، اندلعت خلافات جديدة داخل النادي، وتدهورت علاقة المكتب بالفرع، خاصة بعد منع الفريق من ربط المركز بالكهرباء وحرمانه من تسوية وضعيته مع الوكالة المستقلة للماء والكهرباء. كما لم يتمكن الفريق منذ 2019 من استئناف العمل بمدرسة الكوكب التي كانت مصدرًا ماليًا هامًا، بسبب مطالبة المكتب بنسبة مالية من العائدات دون وجود إطار قانوني ينظم العلاقة.

وبعد سنوات من الجمود، برزت اتفاقية شراكة بين المجلس الجماعي لمدينة مراكش، والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وجمعية الكوكب المراكشي (فرع كرة القدم)، لإنشاء أكاديمية رياضية داخل الغابة الرياضية بالمحاميد. رغم كونها خطوة تنموية، إلا أنها أثارت كثيرًا من التساؤلات والشكوك، خاصة بعد أن تبين أن أحد شروطها هو إفراغ مركز القُنصلي من طرف الجمعية، في ظل غياب الشفافية، ما يُعد تمهيدًا للتفريط في مقر استراتيجي يسعى إليه لوبي العقار والمضاربين وأصحاب النفوذ.

وبالعودة للوثيقة السابقة، يبرز سؤال قانوني مهم: من يملك الصفة القانونية لتوقيع هذه الاتفاقية؟ هل هي الجمعية أحادية النشاط؟ أم المكتب المديري متعدد الأنشطة باعتباره الكيان الشرعي المالك للإرث والممتلكات؟ الجمعية لا تملك قانونيًا حق التصرف في ممتلكات المكتب، وعلى رأسها مركز القُنصلي الذي تم استرجاعه رسميًا بوثيقة قانونية. كما أن غياب رئيس فعلي للمكتب منذ سنوات واستمرار التسيير دون جمع عام جديد يجعل أي توقيع على اتفاق بهذا الحجم عرضة للطعن قانونيًا وأخلاقيًا.

علاوة على ذلك، تمنح الاتفاقية حق التسيير المؤقت للغابة الرياضية بالمحاميد، دون أي بند ينص صراحة على تمليك البقعة للنادي.

وهو ما يتعارض مع مطالب الجماهير التي طالما نادت بتمليك حقيقي ومستدام للبقعة الأرضية باسم الفريق على شاكلة فرق الرباط، البيضاء وبركان، لا بمنحه تفويضًا هشًا بالتسيير قد يُسحب في أي لحظة.

أما العمدة، التي وعدت في أكثر من مناسبة – منذ انطلاق حملتها الانتخابية – بدعم الكوكب، فإن ما قدمته لا يعدو أن يكون فتات دعم عمومي، لم يأتِ من مالها الخاص أو من أموال “أبناء الصالحين”، بل من أموال دافعي الضرائب من أبناء مراكش، الذين كانوا يأملون صرف هذا المال في خدمة الرياضة فعلاً، لا استخدامه كطُعم للسطو على مركز التكوين.

هذا الدعم، بدل أن يكون رافعة للفريق، أصبح واجهة لتبرير تفكيك النادي وتحويل ممتلكاته إلى أوراق تفاوضية ضمن مشاريع مشبوهة.

أمام هذا الواقع، يحق للمراكشيين التساؤل: من يقرر فعلاً مصير الكوكب؟ من يملك السلطة القانونية والأخلاقية للتصرف في ممتلكاته؟ من سيحاسب على قضية الكمبيالة المستولى عليها، وإقصاء مدرسة الفريق، وترحيله من مركزه إلى فضاء غير مكتمل في غابة مهجورة عجزت جماعة مراكش عن تأهيلها؟ وهل ما يحدث اليوم هو مشروع رياضي حقيقي، أم مجرد غطاء لتصفية إرث تاريخي وإعادة تشكيل النادي وفق أجندات ضيقة؟

الكوكب اليوم لا يحتاج لأكاديمية على أنقاضه، بل إلى إدارة شرعية، محاسبة، شفافية، ووقف هذا النزيف الذي يهدد مستقبله، وذاكرته، وجمهوره، وهويته المراكشية.

-السكوت المطبق… هل سيُرضخ الفريق للاتفاقية؟يعيش جمهور الكوكب والمراقبون حالة من الاستغراب إزاء السكوت المطبق من طرف مسؤولي الفريق على هذه التطورات الخطيرة. فهل سيقبل النادي بالرضوخ لهذه الاتفاقية المشكوك في مشروعيتها القانونية، أم سيقف في وجه محاولات تصفية إرثه وممتلكاته؟ يجب على المسؤولين تحمل مسؤولياتهم كاملة، والقيام بدورهم في حماية النادي من التجاوزات، وضمان مستقبل أفضل يعكس تاريخ الكوكب وعطاءاته.