مراكش بين الربح والإدمان: القاصرون في مواجهة “الكالة” العلنية
في مدينة مراكش، تتفاقم المخاطر الصحية والاجتماعية نتيجة الانتشار العلني لبيع “الكالة” في محلات بيع التبغ المعروفة بـ”الصاكات”، حيث تُعرض القطعة الواحدة بخمسة دراهم فقط. هذه النفحة الصغيرة، التي قد يظنها البعض غير مؤذية، أصبحت في متناول التلاميذ والقاصرين، بينما يواصل بعض الباعة البحث عن الربح على حساب صحة الأطفال وسلامتهم.
الكالة، المستخلصة من التبغ والمعروفة أيضًا بـ”الشتوكية” أو “النفحة”، توضع بين الشفة واللثة، ما يجعل تأثيرها سريعًا لكنه قصير المدى. غير أن آثارها طويلة الأمد بالغة الخطورة، إذ تشمل سرطانات الفم واللثة والشفاه، وتلف الأسنان والتسوس وانتشار البكتيريا، فضلًا عن أمراض القلب والكلى والمفاصل، إلى جانب الإدمان النفسي والجسدي الذي يصعب معه الإقلاع.
تاريخيًا، كان الوضع مختلفًا، إذ كانت شركات التبغ مملوكة للدولة، وكانت هناك اتفاقيات مع السلطات الأمنية لمحاربة بيع التبغ بالتقسيط و”النفحة”، مما حدّ من وصول هذه المواد إلى القاصرين. أما اليوم، ومع تحرير السوق وضعف المراقبة، أصبح بيع الكالة مشهدًا علنيًا وسوقًا مفتوحًا للربح السريع، بينما الضحية الأولى هم الأطفال.
ورغم المجهودات الأمنية لمحاربة المخدرات والتصدي لمختلف أشكال الترويج غير المشروع، فإن استمرار بعض “الصاكات” في تسويق الكالة للقاصرين يكشف عن ثغرات تحتاج إلى معالجة أكثر صرامة. الرسالة واضحة: مراكش مهددة بالتحول إلى ساحة مفتوحة للإدمان إذا لم يتدخل الجميع بشكل عاجل.
إن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تكثيف المراقبة وتفعيل العقوبات بحق المخالفين، إلى جانب حملات توعية شاملة تستهدف الأسر والمدارس لشرح خطورة الكالة والسجائر الإلكترونية. فالمجتمع المدني الآباء والأمهات مدعوون ليكونوا العين الساهرة، والتبليغ عن أي شخص يبيع هذه السموم للقاصرين، لأن التغاضي عن ذلك يفتح الباب أمام ضياع جيل كامل.
مراكش لا يجب أن تصبح مدينة يُقاس فيها مستقبل الأطفال بعدد النفحات المباعة. الوقت للتحرك الآن قبل أن يتحول الأمر إلى كارثة يصعب احتواؤها.