لا يمكن أن يمر خبر محاولة انتحار مستخدم بأحد الملاهي مرور الكرام دون أن نضع الأمور في نصابها الصحيح. المؤسف أن بعض الأقلام المسترزقة تحاول أن تجعل من مقاهي “الشيشا” والملاهي الليلية ضحية الحملات الأمنية، وأن تزين صورتها للرأي العام، متناسية أن هذه الفضاءات نفسها أصبحت بؤراً لآفة خطيرة تنخر مجتمعنا وتستهدف شبابنا.
لقد قامت السلطات الأمنية بمجهود كبير في محاربة هذه المقاهي والضرب بيد من حديد، ونجحت في الحد من انتشار هذه الظاهرة التي تحولت إلى سوق موازية للسموم. لكن الأقلام المؤجورة – ولأهداف مكشوفة – تصر على تحميل المؤسسة الأمنية والسلطات المحلية وزر ما وقع، وكأنها السبب في مصير من اختار أن يشتغل في بيئة مخالفة للقانون منذ البداية. لا يمكن تعليق شماعة الانتحار أو محاولة الانتحار على المؤسسات الأمنية التي تقوم بواجبها وتطبق القانون.
الحقيقة أن الرخص الممنوحة للمقاهي محددة وواضحة بمقتضى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.85 بتاريخ 7 يوليوز 2015، والذي يخول للجماعات الترابية، ومنها جماعة مراكش، تنظيم الأنشطة التجارية والحرفية والصناعية غير المنظمة، ومنح رخص استغلال المؤسسات المضرة أو المزعجة أو الخطيرة، ومراقبتها وفقًا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
وبناءً على هذا القانون، تخضع جميع الرخص الاقتصادية لشروط واضحة، وأي نشاط خارج نطاق الرخصة – مثل تقديم الشيشا أو أي سموم – يعتبر خرقاً للقانون، ويخول للسلطات المختصة سحب الرخص أو إلغاؤها، خاصة عند المخالفات المتكررة أو المساس بالصحة العامة أو الأمن العام. أي دفاع عن هذه الممارسات، أو محاولة تصويرها كضحية، لا يعدو أن يكون تواطؤاً مع الفوضى وتشجيعاً غير مباشر على تكريسها.
ثم إن تصوير حادثة إقدام شخص على إضرام النار في جسده وكأنها نتيجة مباشرة للحملات ضد الشيشا هو تزوير للحقيقة. الرزق عند الله واسع، والبدائل موجودة، والعمل الحلال في مئات المقاهي والمحلات متوفر لمن يبحث بجدية عن مصدر شريف. أما الانتحار – أو محاولة الانتحار – فهو جريمة يعاقب عليها القانون، ولا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال.
إن ما يحتاجه مجتمعنا ليس بكائيات على أوضاع مقاهي الشيشا، بل جرأة في مواجهة هذه الآفة، ومزيداً من الحزم في تطبيق القانون، مع فتح آفاق بديلة للشباب في مجالات إنتاجية وشريفة. أما الأقلام التي تختار الاصطفاف إلى جانب “الشيشا” والملاهي، فليست سوى جزء من المشكلة، وليست أبداً جزءاً من الحل.