آخر الأخبار

الحكومة تحارب الفقراء بدل أن توفّر لهم النقل

القانون الجديد المتعلق بالدراجات النارية لم يأتِ بحل، بل جاء ليزيد الفقراء فقرًا والمستضعفين اختناقًا. فبدل أن تُحاسب الحكومة من استورد هذه الخردة، ومن باعها في الأسواق لعقود طويلة، اختارت الحل الأسهل: مصادرة دراجة المواطن البسيط الذي لا يملك غيرها وسيلةً للعيش والتنقل.

في مراكش، عاصمة “الموطورات” بامتياز، الدراجة ليست مجرد وسيلة نقل، بل جزء من هوية المدينة. المراكشيون يرددون ساخرين: “الدار اللي ما تلقى فيها شي واحد سميتو محمد، تلقى فيها موطور.” جملة تختصر الواقع، حيث ارتبطت حياة الناس بهذه الوسيلة أكثر من أي بديل رسمي غائب أو ميت.

لكن اليوم، بدعوى “السلامة الطرقية” و”محاربة السرقة”، يُمنع المواطن من دراجته، في حين أن الحافلات خردة تتنفس دخانها الأخير، وسيارات الأجرة الصغيرة محجوزة للسائح الأجنبي أمام الفنادق والمطار، والسيارات الكبيرة خارج التغطية في أغلب الأحياء. فكيف يُطالب المواطن بالالتزام بالقانون، والحكومة نفسها عاجزة عن توفير بديل واحد محترم؟

المواطن قَبِلَ الزيادات في البنزين، قبل ارتفاع أسعار التأمين، تحمل صعوبة العيش اليومية ولم يشتكِ، لكنه اليوم يُعاقب فقط لأنه يركب دراجة استوردها تجار نافذون تحت أعين السلطات. هل المواطن هو من سمح بدخول هذه الدراجات غير المطابقة؟ هل هو من وقّع على استيرادها بالجملة؟ أم أن ذنبه الوحيد أنه يركبها ليصل إلى عمله؟

ثم أين هي الشجاعة لملاحقة المافيات التي تُعدل الدراجات وتحوّلها إلى آلات موت؟ أين هي السلطة أمام اللصوص الذين يجوبون الأزقة مطمئنين؟ لماذا لا يُسمح لرجال الأمن بمطاردتهم، بينما يُطارد فقط المواطن البسيط الذي ذنبه الوحيد أنه يركب وسيلة نقل رخيصة؟

القانون في جوهره صحيح: نعم، نريد الحد من الوفيات، نريد طرقًا أكثر أمانًا، لكن أي قانون بلا حلول اجتماعية هو قانون أعرج. أن تمنع المواطن من دراجته دون أن توفّر له نقلًا عموميًا كريمًا، فذلك ليس إصلاحًا، بل عقوبة.

إنها الحقيقة الصادمة: الحكومة اختارت الطريق الأقصر، وهو جلد الفقير بدل مواجهة مافيات الاستيراد والفساد. هكذا تواصل بلادنا السير بسرعتين: سرعة البسطاء الذين يُساقون بالعصا، وسرعة أصحاب الامتيازات الذين لا تصلهم يد القانون.