آخر الأخبار

الحكومة الاجتماعية… برنامج للدفن الجماعي على أقساط

نعم، نحن في حضرة حكومة اجتماعية، حكومة تُخطط كما يُخطط الحفار لقبره الأخير: بهدوء، بإتقان، وبلا شهود.

مخطط أسود فلاحي: جرّ الماء لحقول غيرنا

سمّوه برنامج “الجيل الأخضر”، لكنه لا يسقي إلا كبار المستثمرين. الفلاح الصغير يراقب قناته المائية وهي تُحوّل قسرًا إلى دفيئة لصاحب الشركة. كل شيء محسوب… إلا كرامة الفلاح.

مخطط أسود سياحي: مدينة للزوار، ومزبلة لأهلها

السياحة مزدهرة، نعم، لكن فقط في عيون السائح وهو يلتقط صورة أمام باب أثري طُلي خصيصًا له. خلف الباب، يسكن مواطن لا يملك حتى بابًا يصلح للإغلاق. المدينة تُجمّل كل صباح، بشرط ألا تكون أنت من سكانها.

مخطط أسود صحي: تأمين حسب مقاسك الطبقي

التغطية الصحية صارت حسب “المؤشر”، أي حسب حجم محنتك. لا فرق بين بطاقة ولا رقم، فالنتيجة واحدة: تنتقل من منصة التسجيل إلى طابور الانتظار، ثم إلى صيدلية تعتذر، ثم إلى جيبك، وأخيرًا إلى الله. هذا هو المسار العلاجي المعتمد في ظل نظام التأمين الإجباري “الاجتماعي” الجديد.

مخطط أسود تربوي: تعليم على طريقة أوراق التوت

كل عام نسمع عن “خارطة طريق جديدة”. لكننا لا نرى إلا طريقًا واحدة: تلك التي تقود أبناء المدرسة العمومية إلى الفشل المؤسس، وأبناء النخب إلى جامعات خاصة مدعومة من المال العام، لتُخرّج وزراء المستقبل… في الحكومات الاجتماعية المقبلة.

قوانين على المقاس: خياطة تشريعية ممتازة

من يملك النفوذ، يملك نص القانون. ومن يملك فقط رقم بطاقة التعريف، فعليه أن يقرأ القوانين كما يقرأ الأبراج: للترفيه. تُمرر القوانين كما تُمرر الهدايا في الأعياد… لمن يستحق حسب “مؤشره الاجتماعي”.

ديمقراطية الترفيه: شاركنا في مهرجان التصويت

نعم، لدينا ديمقراطية، تمامًا كما نملك مهرجانات موسيقية. نرقص فيها ليوم وننسى الغلاء، نُصفّق للوجوه ذاتها، ونخرج في النهاية بصور “مشاركة فعالة”. أما المحاسبة؟ فمكانها الارشيف، ورفوف الوعود المؤجلة.

إنجاز حقيقي: إبادة الطبقة الوسطى

لأول مرة في التاريخ، طبقة بأكملها تتبخر دون حرب. الطبقة المتوسطة صارت كالشبح: لا تراها، لكنك تشعر باختفائها. الحكومة وعدتنا بإنعاش الاقتصاد، لكنها أنعشت فقط أرباح الشركات الكبرى، ودفنتنا نحن في قروض، ومصاريف، وأدوية منتهية الصلاحية.

الخلاصة: نحن في حضرة حكومة اجتماعية فعلًا، لأنها تعتقد أن “العدالة الاجتماعية” تعني توزيع المآسي بالتساوي.