ها هو أولمبيك مراكش يعود من جديد إلى الواجهة، بعد تحقيقه صعودًا مستحقًا إلى القسم الوطني الأول هواة، في موسم استثنائي جمع بين حسن التسيير ورؤية تدريبية ناضجة، قادها بصمت وخبرة المدرب خالد الجنكاري، ووفرت له الإدارة الحكيمة، برئاسة أحمد إينوس، كل الظروف لتحقيق هذا الإنجاز.
ليس من السهل أن تصعد في بطولة مليئة بالتعقيدات والمطبات، لكن حين يتوفر الفريق على مدرب من طينة خالد الجنكاري، فإن المستحيل يتحول إلى واقع. مدرب يشتغل في الظل، بعيدًا عن الأضواء، لا يلهث وراء العناوين، ولا يتغذى على التصريحات، بل يترك عمله يتحدث عنه. راكم سنواتٍ من التجربة في ميادين الكرة، وعرف كيف يُكوِّن مجموعة منسجمة، صلبة ذهنيًا وتكتيكيًا، تشتغل بروح جماعية وقتالية عالية.
الجنكاري لم يكن فقط مدربًا، بل كان قائدًا حقيقيًا، قارئًا جيدًا لمجريات البطولة، وملهمًا للاعبيه في لحظات الشك. استطاع أن يبني فريقًا متماسكًا بأقل الإمكانيات، ويجعل من كل لاعب جنديًا في معركة الصعود. ورغم غياب البهرجة الإعلامية، إلا أن بصمته كانت واضحة في كل مباراة، في كل تغيير، وفي كل نقطة عاد بها الفريق من ميادين صعبة.
من جانبه، أظهر الرئيس أحمد إينوس بُعدَ نظرٍ إداريًّا، حيث اختار طريق العمل الهادئ والمنظم، ووفر كل سبل الاستقرار المالي والمعنوي، واضعًا ثقته الكاملة في الطاقم التقني واللاعبين. وهذا التناغم بين الإدارة والتقنيين أعطى ثماره في نهاية المطاف.
وصعود أولمبيك مراكش لا يُعد فقط إنجازًا رياضيًا، بل هو انتصار رمزي لمدينةٍ تبحث عن استعادة بريقها الرياضي، وهو رسالة أمل للشباب المراكشي بأن الطموح والعمل الجاد يفتحان أبواب التألق. كما يُعد هذا الإنجاز حافزًا للتنمية المجتمعية، إذ يعيد الحياة إلى الملاعب المحلية، ويعزز الانتماء الجماهيري، ويعيد الاعتبار لكرة الهواة التي طالها التهميش.
إنه تتويج لثقافة الصمت والعمل، ودرسٌ لكل من يعتقد أن الأضواء تصنع النتائج. تتويج لفلسفة مدرب آمن بأن الطريق طويل، لكن نهايته مشرقة، ولرئيسٍ آمن أن الرياضة تُبنى بالصبر لا بالشعارات.
هنيئًا لخالد الجنكاري، هذا المدرب الذي اختار أن يتكلم بلغة النتائج، وهنيئًا لأحمد إينوس، الذي آمن بمشروع رياضي حقيقي، وهنيئًا لمراكش بفريق يعيد كتابة اسمه بأحرف من جدٍّ وكفاح في سجل الكرة الوطنية.